فإني لا أملك لكم من الله شيئا ، ولا أغني ؛ فبكت عائشة وقالت .. إلخ ..
ثم تذكر الرواية محاورة لها معه «صلى الله عليه وآله» (١).
وثمة نصوص أخرى كلها تؤكد على دعوته قريشا وإنذاره لها ، وهذه الروايات لا يمكن أن تصح.
أولا : لقد تقدم : أن فاطمة صلوات الله وسلامه عليها لم تكن حينئذ قد ولدت.
ثانيا : إن عائشة (٢) وحفصة ، وأم سلمة لم يكنّ من أزواجه حينئذ ، ولا كنّ من أهله ، وإنما صرن من أهله في المدينة بعد ذلك بسنين كثيرة ..
ثالثا : إن هذه الروايات تناقض ما ورد من أنه «صلى الله عليه وآله» إنما دعا قريشا وبادأها حين نزل قوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ)(٣) ، وليس حين نزل قوله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ).
رابعا : إن هذه الروايات تناقض نص الآية نفسها ، فإنها تأمره بإنذار العشيرة الأقربين ، لا مطلق عشيرته ، ولا مطلق الناس ، وعشيرته الأقربون
__________________
(١) الدر المنثور ج ٥ ص ٩٦ عن : الطبراني ، وابن مردويه ، عن أبي أمامة ، وهذه الروايات موجودة في مصادر كثيرة أخرى ولا سيما تلك التي ذكرناها في أوائل هذا البحث كمصادر للنص الأول.
(٢) والغريب في الأمر : أنهم يعتقدون : أن عائشة إنما ولدت في الخامسة من البعثة ، والإنذار للعشيرة كان في الخامسة ، فهم يناقضون أنفسهم مناقضة صريحة ، وإن كنا نحن نعتقد : أن عائشة قد ولدت قبل البعثة بسنوات ، كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى.
(٣) الآية ٩٤ من سورة الحجر.