ورسول الله «صلى الله عليه وآله» قائم بالحق ، ما يثنيه ذلك عن الدعاء إلى الله عز وجل سرا وجهرا.
وذلك لأن المشركين بعد أن أدركوا : أن الاعتداء على شخصه «صلى الله عليه وآله» سوف يتسبب في صراع مسلح لم يعدوا له عدته ، وليسوا على يقين من أن تكون نتائجه لصالحهم ، خصوصا مع ما كان لبني هاشم من علاقات ، ومن أحلاف مع القبائل ، كحلف المطيبين ، وحلف عبد المطلب مع خزاعة التي كانت تقطن خارج مكة.
بل قد توجب هذه الحرب ـ لو نشبت ـ التمكين لمحمد «صلى الله عليه وآله» من نشر دعوته (١).
فمن أجل كل ذلك آثر المشركون أن يبتعدوا عن الحرب ، ويتبعوا أساليب أخرى لتضعيف أمر محمد «صلى الله عليه وآله» ، والوقوف في وجه دعوته ؛ فنجدهم :
أ ـ ينهون الناس عن الالتقاء بالنبي «صلى الله عليه وآله» ، وعن أن يسمعوا ما جاء به من قرآن ، قال تعالى : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ..)(٢).
وقال تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ
__________________
(١) ويرى بعض المحققين : أن من المحتمل : أن أبا طالب كان يستعمل أسلوب اللين تارة والشدة أخرى ؛ بهدف إثارة حرب كهذه ، تهدف إلى تمكين النبي من نشر دعوته ، كما أشير إليه.
(٢) الآية ٢٦ من سورة الأنعام.