ب ـ وعداس ، أليس هو الذي أسلم على يد النبي «صلى الله عليه وآله» في الطائف بعد عشر سنين من البعثة أي بعد وفاة أبي طالب «عليه السلام»؟ وتروى القصة بنحو يدل أن عداسا لم يكن يعرف النبي «صلى الله عليه وآله» قبل ذلك (١) ولا سمع به.
كما أن الروايات تنص على أن جوابه هو نفس جواب ورقة ، وعلى أنه كان ـ كورقة ـ راهبا ، كبير السن ، قد وقع حاجباه على عينيه ، وقد ثقل سمعه إلخ. وهذه الأوصاف يشاركه فيها غيره ممن سألتهم خديجة ما عدا ثقل السمع ، الذي عوض عنه ورقة المسكين بالعمى ..
واحتمال أن يكون عداس هذا غير ذاك ، ليس له ما يؤيده ، أو يشير إليه.
ويبقى هنا سؤال أخير ، وهو : أنه كيف لم يسمع بإسلام هؤلاء : بحيرا ، وعداس ، ونسطور ، من حين بعثته «صلى الله عليه وآله» ، مع معرفتهم بأن النبي «صلى الله عليه وآله» قد بعث ، ومع أن سند نبوته قد تلقاه «صلى الله عليه وآله» منهم ، حسب نص الروايات المتقدمة؟.
كما أن رواية عداس تقول : إنه لما عادت خديجة من عند عداس ، إذا بجبرئيل يقرئ النبي «صلى الله عليه وآله» سورة القلم ، وهذا مخالف لما يذكره المفسرون :
من أن هذه السورة إنما نزلت حينما وصف المشركون النبي «صلى الله
__________________
(١) سيأتي ذلك في هذا الكتاب في فصل : الهجرة إلى الطائف.