ويؤيد ذلك : أن الذين هاجروا إلى الحبشة كانوا أكثر من ثمانين رجلا ، والهجرة إليها إنما كانت في الخامسة ، وإسلام عمر كان في السادسة من البعثة حسب زعمهم ـ فلا بد أن يكون الأربعون الذين أتمهم عمر بإسلامه غير هؤلاء الذين هاجروا ، وإن كان ابن الجوزي يعد الذين أسلموا قبل عمر ، فيذكر أسماء من هاجر إلى الحبشة على الأكثر (١) الأمر الذي يشير إلى أنه يرى :
أن الأربعين الذين أتمهم عمر هم هؤلاء ، وليسوا فريقا آخر قد أسلم بعد هجرتهم.
ويؤيد ذلك أيضا : الروايات التي تصرح بأنه أسلم في السادسة من البعثة ، وأنه رق للمهاجرين إلى الحبشة ، حتى لقد رجوا إسلامه ، فإذا كان ذلك ، فلسوف يأتي في حديث المؤاخاة التي جرت في المدينة بعد الهجرة بين المهاجرين والأنصار : أن المهاجرين كانوا حين المؤاخاة خمسة وأربعين رجلا أو أقل أو أكثر بقليل (٢).
أي أن الذين أسلموا بعد الهجرة إلى الحبشة كانوا خصوص هؤلاء ، فإذا كان عمر قد أسلم وكان تمام الأربعين فيهم فإن معنى ذلك هو أنه قد أسلم قبل الهجرة بقليل ، ثم هاجر.
__________________
(١) تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص ٢٨ و ٢٩.
(٢) وإن كان ابن هشام قد عد نحو سبعين ممن هاجر إلى المدينة ، ولكن ذلك لا يمكن الاعتماد عليه بعد النص على عدد من آخى رسول الله «صلى الله عليه وآله» بينهم من قبل غير واحد ، كما سيأتي ، ولا يعقل أن يترك أحدا من أصحابه لا يؤاخي بينه وبين آخر من إخوانه.