وإنما كان ذلك في عظمائهم وصناديدهم ، الذين كانوا يستهزئون به «صلى الله عليه وآله» ، ويعذبون المؤمنين.
والآيات التي تبين أن صدهم عن المسجد الحرام ، واستفزازهم له «صلى الله عليه وآله» من الأرض ليخرجوه منها ، سوف ينشأ عنه أنهم (لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً)(١) ، و (يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ)(٢) ـ هذه الآيات ـ قد تحقق مضمونها بما أصابهم يوم بدر من القتل الذريع.
فقوله تعالى : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ ..)(٣) إنما يفيد الإمساك عن إرسال الآيات ما دام النبي «صلى الله عليه وآله» فيهم ، وأما إرسالها وتأخير العذاب إلى حين خروجه من بينهم فلا دلالة فيه عليه.
وقوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً)(٤) ـ إلى أن قال ـ : (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً)(٥). لا يدل على نفي تأييد النبي «صلى الله عليه وآله» بالآيات المعجزة ، وإنكار نزولها من الأساس ، وإلا فإن جميع الأنبياء كانوا بشرا.
ومعنى الآية : أنه من حيث هو بشر فإنه لا يقدر على ذلك.
__________________
(١) الآية ٧٦ من سورة الإسراء.
(٢) الآية ٤٩ من سورة الأنعام.
(٣) الآية ٥٩ من سورة الإسراء.
(٤) الآية ٩٠ من سورة الإسراء.
(٥) الآية ٩٣ من سورة الإسراء.