النبي «صلى الله عليه وآله» ، لا عن اقتراح منهم الخ ..
ثم أجاب «رحمه الله» بما ملخصه : إن تكذيبهم بآية انشقاق القمر كان يستدعي العذاب ، لأنها آية اقتراحية منهم ، وما كان الله ليهلك جميع من أرسل نبيه إليهم ، وهم أهل الأرض جميعا إلا بعد إتمام الحجة عليهم ، ولم تتم الحجة بعد على جميع الناس ثم كذبوه ، ثم طلبوا الآية.
بل تمت الحجة على بعض الأفراد من الذين كانوا يعيشون في مكة ، لأن هذه الآية كانت قبل الهجرة بخمس سنين هذا بالإضافة إلى أنه ما كان الله ليهلك جميع أهل مكة ومن حولها ، لأن فيهم جمعا كبيرا من المسلمين ، قال تعالى : (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً)(١).
ولم يتزيل المشركون عن المسلمين ، ولا امتازوا عنهم.
كما أنه إذا كان الرسول «صلى الله عليه وآله» بينهم فإنه لا يعذبهم.
قال تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ..)(٢) وما كان الله لينجي المؤمنين ويهلك الكفار بعد أن آمن جمع كثير منهم فيما بين سنة ثمان من البعثة وثمان من الهجرة ، ثم أسلم عامتهم يوم الفتح ، والإسلام يكتفى فيه بظاهره.
وأيضا ، فإن عامة أهل مكة ومن حولها لم يكونوا أهل جحود وعناد ،
__________________
(١) الآية ٢٥ من سورة الفتح.
(٢) الآية ٣٣ من سورة الأنفال.