عليه وآله» إلا أن تضحياتهم في سبيل النبي لم تبلغ عشر معشار تضحيات أبي طالب ، كما أنهم إنما وقفوا هذا الموقف تحت تأثير نفوذ أبي طالب ، وإصراره ..
بل لماذا يدفع الحب الطبيعي أبا طالب للتضحية بولده علي ، وبإخوته ، بل بسائر بني هاشم في سبيل ابن أخيه؟! ..
وهكذا يتضح : أن حمية الدين أقوى من حمية النسب ، ولذلك نرى المسلمين يصرحون بأنهم على استعداد لقتل آبائهم وأولادهم في سبيل دينهم.
وقد استأذن عبد الله بن عبد الله بن أبي رسول الله «صلى الله عليه وآله» بقتل أبيه (١) ..
وفي صفين أيضا لم يرجع الأخ عن أخيه حتى أذن له أمير المؤمنين «عليه السلام» بتركه (٢) وقد قتل أهل الكوفة إخوانهم وأبناءهم حين أصبحوا خوارج (٣) إلى غير ذلك من الشواهد الكثيرة.
٤ ـ ثم إنه لو كان أبو طالب يفعل ذلك من أجل الدنيا ؛ فقد كان يجب أن يضحي بابن أخيه دون ولده ، ويضحي به دون عشيرته ؛ لأنه يحصل على الدنيا من هذا الطريق ؛ كما قتل المأمون أخاه ، وسممت أم الهادي ولدها ، لا أن يضحي بكل شيء دونه ، ويصر على ذلك حتى لو كانت النتيجة هي :
__________________
(١) تفسير الصافي ج ٥ ص ١٨٠ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٦٤ والدر المنثور ج ٦ ص ٢٤ عن عبد بن حميد ، وابن المنذر والإصابة ج ٢ ص ٣٣٦.
(٢) صفين للمنقري ص ٢٧١ و ٢٧٢.
(٣) راجع : كتابنا : عليّ والخوارج ج ٢ ص ٧٧ فما بعدها.