فباطشاهما (١).
فهذه الحوادث الجزئية ـ على ما يظهر ـ قد دفعت بالنبي «صلى الله عليه وآله» إلى اختيار دار الأرقم (٢) ، الواقعة على الصفا ليجعلها مركزا لدعوته ، ومحلا لاجتماع أصحابه به ، ثم الابتعاد عن أنظار المشركين في عبادتهم وشعائرهم ، بدلا من الخروج إلى الشعاب من أجل الصلاة.
فكانت هذه الدار هي مركز حركته ونشاطاته وبقي فيها شهرا (٣) ولم يخرج منها حتى تكامل المسلمون أربعين رجلا كما قيل (٤) ، وقيل : أكثر ، وقيل : أقل ، وحينئذ خرج «صلى الله عليه وآله» ليعلن دعوته ، وليبدأ مرحلة جديدة هي أصعب مرحلة ، وأخطرها ، وأكثر عنفا ، وأشد بلاء.
هذا ، ولكن بعض المحققين (٥) يحتمل أن يكون «صلى الله عليه وآله» قد دخل دار الأرقم مرة أو مرات ، ولكن يد السياسة قد طورت هذا الأمر ؛ لتكون دار الأرقم في مقابل شعب أبي طالب ، بل يدّعون : أنها دعيت دار
__________________
(١) أنساب الأشراف للبلاذري ج ١ ص ١١٧.
(٢) أسلم سابع سبعة ، أو بعد عشرة كما في الإصابة ج ١ ص ٢٨ والاستيعاب هامش الإصابة ج ١ ص ١٠٧.
(٣) وقيل : أربع سنين. راجع السيرة الحلبية ج ١ ص ٢٨٣ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٩٩.
(٤) الإصابة ج ١ ص ٢٨ والسيرة الحلبية ج ١ ص ٢٨٥ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٩٩ والاستيعاب هامش الإصابة ج ١ ص ١٠٨.
(٥) هو العلامة السيد مهدي الروحاني رحمه الله.