يكن أحد غيره معه ، ويقولون : إنه وإن كان حينئذ مشركا ، إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ، ويتوثق له. وقد قدمنا ما ينسب إليه من قول في هذه المناسبة.
ولكننا نشك في صحة ذلك.
أولا : إن في الكلام المنسوب إلى العباس تخذيلا واضحا عن النبي «صلى الله عليه وآله» ، وليس توثيقا لأمره كما يقولون ، ولا سيما قوله : «واستقلال بعداوة العرب قاطبة ، ترميكم عن قوس واحدة إلخ» إلا أن يقال : إن هذا الكلام من العباس ، إنما هو لبيان الحقيقة ، ليكون الأنصار على بصيرة من أمرهم ، حتى لا يكون منهم أي تعلل في المستقبل.
ثانيا : إن في كلامه ما يخالف الحقيقة ، ولا سيما قوله : «قد أبى محمد الناس كلهم غيركم» ؛ فإن معناه : أن الناس كلهم غير الأنصار قد وافقوا النبي «صلى الله عليه وآله» ، وقبلوا مناصرته ، ولكنه هو رفضهم.
مع أن الأمر على عكس ذلك تماما ، باستثناء قبيلة شيبان بن ثعلبة التي رضيت بحمايته مما يلي مياه العرب ، دون ما يلي مياه كسرى (١) وقبيلة شيبان ليست هي «الناس كلهم».
واحتمال إرادة خصوص عشيرته لا يتلاءم مع التعبير ب «الناس كلهم».
واحتمال أن تكون العبارة : «أبى محمدا الناس» ليس له ما يؤيده ، لأن النص الموجود بين أيدينا خلافه.
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٥ و ١٦ وراجع السيرة النبوية لابن كثير ج ٢ ص ١٦٨.