تارة ، وبأساليب متنوعة من الإغراء أخرى.
وإذا استثنينا أشخاصا معدودين ، كحمزة أسد الله وأسد رسوله ، وبعض من كانت لهم عشائر تمنعهم (١) ، فإن بقية المسلمين كانوا غالبا من ضعفاء الناس ، الذين لا يستطيعون حيلة ، ولا يجدون سبيلا إلا الصبر ، وتحمل الأذى.
وإذا فرض عليهم أن يستمروا في مواجهة هذه الآلام والمشاق ، دونما أمل أو رجاء ؛ فمهما كانت قناعتهم بهذا الدين قوية وراسخة ؛ فإن من الطبيعي ـ والحالة هذه ـ أن يتطرق اليأس إلى نفوسهم ، ثم الهروب والملل من حياة كهذه.
وقد تستميلهم بعض الإغراءات العاجلة ، فيهلكون ويهلكون ؛ فإنه ليس بمقدورهم أن يقضوا حياتهم بالآلام والمتاعب.
بل إن بعضهم ـ كما سيأتي ـ يهم بالعودة إلى الشرك ، ويتطلب السبل لمصالحة مشركي مكة ، حينما أشيع في غزوة أحد : أن النبي «صلى الله عليه وآله» وسلم قد قتل. وقد نزل في ذلك قرآن يتلى إلى يوم القيامة : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ)(٢).
__________________
(١) وحتى هؤلاء فإنهم لم يسلموا من الاضطهاد النفسي والمقت الاجتماعي المر ، ولربما يكون ذلك بالنسبة لبعضهم أشد من التعذيب الجسدي ، تبعا لنسبة الوعي والشعور المرهف الذي كان يمتاز به بعضهم على غيره.
(٢) الآية ١٤٤ من سورة آل عمران.