صهيبا ليعذبوه ، فقال لهم : إني شيخ كبير لا يضر ، أمنكم كنت أم من غيركم ، فهل لكم أن تأخذوا مالي وتدعوني وديني؟ ففعلوا (١).
ورواية أخرى تذكر القضية بنحو يشبه ما جرى لأمير المؤمنين حين هجرته ، وتهديده إياهم ورجوعهم عنه ؛ فراجع (٢).
ولكنها قصة لا تصح :
أولا : لأن إرسال النبي «صلى الله عليه وآله» أبا بكر إلى صهيب ثلاث مرات في ظرف كهذا غير معقول ، لا سيما وهم يدّعون : أن قريشا كانت تطلب أبا بكر كما تطلب النبي «صلى الله عليه وآله» ، وجعلت مئة ناقة لمن يأتي به (٣) ، وإن كنا نعتقد بعدم صحة ذلك كما سنرى ، ولكن قريشا ولا شك إنما كانت تهتم في أن تستدل على النبي من خلال أبي بكر.
أضف إلى ما تقدم : أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يخبر أحدا بهجرته تلك الليلة ، بل يروون : أنه «صلى الله عليه وآله» إنما صادف أبا بكر وهو في طريقه إلى الغار.
ثانيا : إن كلامه معه وهو في الصلاة ، وإخباره بالأمر ، لا يوجب قطع صلاة صهيب ، إذ باستطاعته أن يلقي إليه الكلام ويرجع دون أن يقطع عليه صلاته كما أنه يمكن أن ينتظره دقيقة أو دقيقتين حتى يفرغ من صلاته ،
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٦٨.
(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٦٨.
(٣) تاريخ الخميس ج ١ ص ٣٣٠ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٩ والبداية والنهاية ج ٣ ص ١٨٢ وإرشاد الساري ج ٦ ص ٢١٨.