وهذا يقتضي أنهم أثخنوا فيهم قتلا ، ولو لم يكن كذلك لما قدروا على التخلص منهم ، إذ كان المسلمون ثلاثة آلاف ، والمشركون أكثر من مائتي ألف ، وهذا وحده دليل مستقل (١).
وقال الحلبي : وفي رواية : أصاب خالد منهم مقتلة عظيمة ، وأصاب غنيمة.
وهذا لا يخالف ما يأتي أن طائفة منهم فروا إلى المدينة لما عاينوا كثرة جموع الروم ، فصار أهل المدينة يقولون لهم : أنتم الفرارون (٢).
وقد ذكر ابن إسحاق : أن قطبة بن قتادة العذري ، الذي كان على ميمنة المسلمين حمل على مالك بن زافلة ، ويقال : ابن رافلة ، وهو أمير أعراب النصارى ، فقتله ، وقال قطبة يفتخر بذلك :
طعنت ابن رافلة ابن الإراش |
|
برمح مضى فيه ثم انحطم |
ضربت على جيده ضربة |
|
فمال كما مال غصن السلم |
وسقنا نساء بني عمه |
|
غداة رقوقين سوق النعم |
وهذا يؤيد ما نحن فيه ، لأن من عادة أمير الجيش إذا قتل أن يفر أصحابه ، ثم إنه صرح في شعره بأنهم سبوا من نسائهم ، وهذا واضح فيما
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٥٢ و ١٥٦ وراجع : السيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٧٢ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٨٥.
(٢) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٦٨ وراجع : البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٤٩ تاريخ مدينة دمشق ج ١٦ ص ٢٣٠ وراجع : سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٥٦ وعن السيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٧١ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٨٤.