الصفا ، وكان شيخاً كبيراً فرأيته يدعو ويقول في دعائه : اللّهم فلان بن فلان. اللّهم فلان بن فلان. اللّهم فلان بن فلان ، ما لم اُحصهم كثرة.
فلما سلّم قلت له : يا عبدالله ، لم أر موقفاً قط أحسن من موقفك ! إلّا أني نقمت عليك خلّة واحدة. فقال : وما الّذي نقمت عليّ ؟ فقلت له : تدعو للكثير من إخوانك ولم اسمعك تدعو لنفسك شيئاً.
فقال لي : يا عبدالله ، سمعت مولانا الصادق عليهالسلام يقول : من دعا لأخيه المؤمن بظهر الغيب نودي من عنان السماء : لك يا هذا مثل ما سألت في أخيك مئة ألف ضعف ، فلم اُحب أن اترك مئة ألف ضعف مضمونة بواحدة لا ادري اتستجاب أم لا » (١).
وعن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه قال : « كان عيسىٰ بن أعين إذا حج فصار الىٰ الموقف اقبل علىٰ الدعاء لاخوانه حتىٰ يفيض الناس ، فقيل له : تنفق مالك ، وتتعب بدنك ، حتّىٰ إذا صارت الىٰ الموضع الذي تبث فيه الحوائج الىٰ الله اقبلت علىٰ الدعاء لاخوانك ، وتترك نفسك ؟ فقال : إنني علىٰ يقين من دعاء الملك لي وشك من الدعاء لنفسي » (٢).
وعن ابراهيم بن أبي البلاد (أو عبدالله بن جندب) قال : « كنت في الموقف فلما أفضت لقيت ابراهيم بن شعيب ، فسلمت عليه ، وكان مصاباً باحدىٰ عينيه ، وإذا عينه الصحيحة حمراء كانها علقة دم ، فقلت له : قد اصبت باحدىٰ عينيك ، وانا مشفق لك علىٰ الاخرىٰ ، فلو قصرت عن البكاء قليلاً.
قال : لا والله يا أبا محمّد ، ما دعوت لنفسي اليوم بدعوة ؟
فقلت : فلمن دعوت ؟
__________________
(١) فلاح السائل : ٤٣ ، بحار الأنوار ٩٣ : ٣٩٠ ـ ٣٩١.
(٢) الاختصاص : ٦٨ ، بحار الأنوار : ٩٣ : ٣٩٢.