الود والعطف إليّ ، ولا تصرف عني وجهك » (١).
وهذه فقرات من الدعاء زاخرة بمفاهيم الحب والشوق والأنس ، ولست أريد التعليق ، فلن أستطيع أن أزيد الفقرات من الدعاء جمالاً علىٰ جمالها وبياناً علىٰ بيانها ، ولست ممن يحسن التعليق علىٰ آيات الدعاء والحب والأدب.
وأول ما يلفت النظر في هذه الفقرات النداء الذي ينادي به الإمام ربه سبحانه وتعالیٰ : « يا منیٰ قلوب المشتاقين ، ويا غاية آمال المحبين ... ». « يا من أنوار قدسه لأبصار محبيه رائقة ، وسبحات وجهه لقلوب عارفيه شائقة ».
ومطالب الإمام في هذا الدعاء ثلاثة ، وهي أعظم ثلاثة يطلبها العبد من ربه.
١ ـ فهو يطلب من الله أولاً أن يصطفيه لنفسه ، ويخلص قلبه لحبه ، ويخلي وجهه لوجهه الكريم ، ويرغبه فيما عنده ، ويفرغ فؤاده لحبه ، ويلهمه ذكره ، ويقطع عنه كل ما يقطعه عنه ، ويصرف عنه كلّما يصرفه عنه.
وهذه البداية ضرورية للحركة التي يطلبها الإمام من الله تعالىٰ ، والتي يحدّد غايتها بالنظر إلىٰ وجه الله ، ومن دون هذه البداية ، لا يمكن أن يتحرك الإنسان هذه الحركة الصعبة والشاقة إلىٰ قمّة لقاء الله ، والنظر إلىٰ وجهه الكريم ، وإنه لراحة لكل نبيّ وصدّيق.
ولئن كان النظر إلىٰ وجه الله رزقاً يرزقه الله تعالىٰ من يشاء ويصطفي من عباده ، فلابدّ أن يطلب العبد أن يرزقه الله تعالىٰ هذا الرزق بمفاتحه ، فإن الله تعالىٰ إذا رزق أحداً من عباده رزقاً رزقه من أبوابه ومفاتحه ، وسبّب له أسبابه.
والذين يطلبون من الله تعالىٰ أن يرزقهم من غير أبوابه ، وبغير مفاتحه
__________________
(١) بحار الأنوار ٩٤ : ١٤٨.