ويصل إلىٰ جواره وقربه ( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ) (١).
والمركب الذي يحمل الإنسان إلىٰ هذه الغاية التي يتمنّاها كل نبي وولي وصدّيق وشهيد ، هو « الحب » و « الانس بالله » و « الشوق إلىٰ الله » ومن دون الحب ، والشوق ، والاُنس لا يمكن أن يرقیٰ الإنسان هذا المرتقیٰ الرفيع إلىٰ الله.
والحب والشوق والاُنس رزق من عند الله ، من دون شك ، يرزقه الله تعالىٰ من يجتبي ويصطفي من عباده. ولكن بعد مقدمات ذكرها الامام عليهالسلام نجدها مبثوثة في فقرات هذه المناجاة.
ويلحّ الامام في هذا الطلب ، ويتوسل إلىٰ ذلك بمختلف الوسائل والتعابير. فهو ينادي الله تعالىٰ بهذا النداء الرائع : « يا منىٰ قلوب المشتاقين ويا غاية آمال المحبين ».
ثم يطلب منه الحب ، وحبّ من يحب ، وحبّ كل عمل يوصله إلىٰ قربه وجواره.
ولنتأمل في كلمات الإمام مباشرة فإنّ التعليق يضيّع علينا فرصة النظر المباشر إلىٰ آفاق هذا الحب التي يفتحها الإمام علينا في هذا الدعاء : « أسألك حبّك ، وحبّ من يحبّك ، وحبّ كل عمل يوصلني إلىٰ قربك ، وأن تجعلك أحبَّ إليّ مما سواك ، وأن تجعل حبي إيّاك قائداً إلىٰ رضوانك ، وشوقي إليك ذائداً عن عصيانك ، وامنن بالنظر إليك عليّ ، وانظر بعين الود والعطف إليّ ، ولا تصرف عنّي وجهك ».
ويقول : « واجعلنا ممن شوّقته إلىٰ لقائك ، وأعذته من هجرك وقلاك ، وهيَّمت قلبه لإرادتك ».
__________________
(١) القمر : ٥٥.