مجيباً
» (١). وفي خطبة المتقين من
« نهج البلاغة » يصف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام لهمّام حال أولياء الله في مناجاتهم
إذا جنّهم اللّيل ، وذِكرهم ووقوفهم بين يدي ربّهم ، فيقول عليهالسلام : « أمّا الليل فصافّون أقدامهم ، تالين
لاجزاء القرآن يرتّلونها ترتيلاً ، يحزِّنون به أنفسهم ، ويستثيرون دواء دائهم ، فإذا مرّوا بآية
فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً ، وتطلّعت نفوسهم ، إليها شوقاً ، وظنّوا أنها نصب أعينهم
، وإذا مرّوا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنّوا أن زفير جهنم وشهيقَها في اُصول آذانهم ، فهم حانون علىٰ أوساطهم ، مفترشون لجباههم وأكفّهم
، وركبهم وأطراف أقدامهم ، يطلبون إلىٰ الله تعالىٰ في فكاك رقابهم. وأمّا النهار فحلماء
، علماء ، أبرار ، أتقياء ، قد براهم الخوف بري القداح ... » (٢). صورة اُخرىٰ من
صور الشوق إلىٰ الله في مناجاة الامام زين العابدين عليهالسلام. يقول زين العابدين علي بن الحسين عليهالسلام : « إلهي فاجعلنا من الذين ترسّخت أشجار الشوق إليك في حدائق صدورهم ، وأخذت لوعة محبّتك بمجامع قلوبهم ، فهم إلىٰ أوكار الافكار يأوون ، وفي رياض القرب والمكاشفة يرتعون ، ومن حياض المحبّة بكأس الملاطفة يكرعون ، وشرائع المصافاة يردون ، قد كُشف الغطاء عن أبصارهم ، وانجلت ظلمة الريب عن عقائدهم وضمائرهم ، وانتفت مخالجة الشكّ عن قلوبهم وسرائرهم ، وانشرحت بتحقيق المعرفة صدورهم ، وعذب في معين المعاملة شربهم ، وطاب في مجلس الاُنس سرّهم ، وأمن في موطن المخافة سربهم ، واطمأنت بالرجوع إلىٰ ربّ الأرباب أنفسهم ، وتيقّنت بالفوز والفلاح
__________________
(١) لقاء الله : ١٠١.
(٢) نهج البلاغة : ٣٠٣.