اقفلوا نصف الحانات ، اضمن لكم الاستغناء عن نصف المستشفيات والمارستانات والسجون.
أما القمار فانه يورث العداوة والبغضاء ، ويصد عن ذكر الله ، كما أشارت الآية الكريمة .. ويفسد الأخلاق بالتعويد على الكسل ، وطلب الرزق من أسباب وهمية ، ويهدم البيوت العامرة ، وينتقل بالإنسان من الغنى الى الفقر فجأة في ساعة واحدة .. ويكفي لتحريم القمار انه أخذ للمال بلا عوض ومقابل.
(وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ). أي أنفقوا ما زاد عما تحتاجونه أنتم وعيالكم. والأمر بالإنفاق هنا للاستحباب ، لا للوجوب ، وانما يجب البذل إذا تحققت شروط الخمس والزكاة ، وسنتكلم عنهما مفصلا ان شاء الله .. ومهما يكن ، فان هذه الآية تجري مجرى الآية ٢٩ من الاسراء : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً). وفي الحديث ان رجلا جاء رسول الله (ص) بمثل البيضة من ذهب ، وقال له : يا رسول الله خذها صدقة ، فو الله لا أملك غيرها ، فأعرض الرسول عنه ، ثم أتاه من بين يديه ، وأعاد القول ، فقال النبي (ص) : هاتها مغضبا ، فأخذها منه ، ثم حذفه بها ، وقال : يأتيني أحدكم بماله لا يملك غيره ، ويجلس يتكفف الناس ، انما الصدقة عن غنى ، خذها لا حاجة لنا فيها .. وفي الحديث أيضا ان النبي (ص) كان يحبس لأهله قوت سنته.
(كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ). أي ان الله سبحانه بيّن لنا حكمه في الخمر والقمار ، وحكمه فيما ينبغي أن نتصدق به من أموالنا على أساس مصلحتنا نحن ، فهو لا يأمر إلا بما فيه مصلحة دنيوية وأخروية ، ولا ينهى إلا عما فيه مفسدة كذلك ، وعلينا أن نتدبر هذه الحقيقة ، ونراعيها ، ولا نعصي الله في شيء من أوامره ونواهيه. فالقصد من قوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) ان نعمل لهما معا ، ولا ننصرف الى إحداهما دون الأخرى.
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى). اعتاد أهل الجاهلية أن ينتفعوا بأموال اليتامى ، وربما تزوج الرجل اليتيمة أو زوجها من ابنه طمعا في مالها ، وبعد الإسلام أنزل الله على نبيه : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ