التّفسير الكاشف [ ج ١ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في التّفسير الكاشف

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

التّفسير الكاشف [ ج ١ ]

الله سبحانه نبيه الأكرم بقول السفهاء قبل وقوعه منهم ، وصدوره عنهم ، أما قول من قال بأن لفظة (سيقول) وان كان ظاهرها الاستقبال ، ولكن المراد منها الماضي ، وان الله خاطب بها رسوله بعد ان قال السفهاء ، لا قبل أن يقولوا ، وجاءت بصيغة المستقبل ايحاء بأن ما قالوه كان مقدرا ومترقبا ، أما هذا القول فانه تأويل للظاهر من غير دليل يدل عليه ، أو ضرورة تدعو اليه.

وعلى كل ، فلقد أمر الله سبحانه رسوله الأعظم محمدا (ص) أن يجيب هؤلاء السفهاء بأن (لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ). أي ان الجهات كلها لله ، والكعبة وبيت المقدس اليه سواء. ولكن الحكمة والمصلحة تارة تستدعي أن يهدي من يشاء من عباده الى بيت المقدس ، وتارة الى الكعبة.

لما ذا الصلاة الى جهة معينة؟

وهنا سؤال يردده كثيرون ، وهو : لما ذا تجب الصلاة الى جهة معينة ، ولا تصح الا اليها ، مع العلم بأن الله سبحانه في كل مكان ، وانه قال صراحة : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ)؟. الآية ١١٥ البقرة.

الجواب : أولا ان الله سبحانه قال أيضا : فول وجهك شطر المسجد الحرام ، وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ، وهذه الآية ١٤٤ من سورة البقرة تفسير وبيان للآية ١١٥ وان المراد بها التوجه الى أية جهة تكون في الصلاة المستحبة حال المشي والركوب ، وفي صلاة المتحير الذي يجهل القبلة ، والمراد بآية ١٤٤ الاتجاه في الصلاة الواجبة ، وتقدم بيان ذلك مفصلا في الآية ١١٥.

ثانيا : ان صحة الصلاة تتوقف على وجود الأمر بها من الله سبحانه ، وعلى هذا الأصل لا بد أن ننظر : هل تعلق الأمر بالصلاة الى أية جهة أردنا ، أو الى جهة خاصة ، فان كان الأول صحت الصلاة الى أية جهة تكون. وان كان الثاني فلا تصح الا إلى الجهة المأمور بها ، سواء أكانت الكعبة أو بيت المقدس ، أو غيرهما .. وبكلمة ان امتثال الأمر شيء ، ووجود الله في كل مكان شيء آخر .. ان العبادة من الأمور «التوقيفية» على تعبير الفقهاء ، أي تتوقف على بيان الله