التّفسير الكاشف [ ج ١ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في التّفسير الكاشف

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

التّفسير الكاشف [ ج ١ ]

حواء وضلع آدم :

من الشائع ان حواء خلقت من ضلع آدم .. ولا مصدر صحيح لهذه الاشاعة .. والخبر الذي جاء به غير معتمد ، وعلى تقدير صحته فان المراد منه الاشارة الى المساواة وعدم الفرق بين الرجل والمرأة ، وانها منه ، وهو منها .. بل عن كتاب «ما لا يحضره الفقيه» ان الإمام الصادق (ع) حين سئل عن صحة هذه الاشاعة استنكرها ، وقال : تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .. هل عجز الله أن يخلق لآدم زوجة من غير ضلعه .. حتى ينكح بعضه بعضا ..

ضعف الارادة وسيلة للحرمان :

اقتضت حكمة الله سبحانه أن يمكث آدم وزوجه في الجنة بعض الوقت ، ثم يخرجا منها لسبب ، هما اللذان أوجداه ، وأخذا به بملء ارادتهما واختيارهما ، ولو لا ذلك لبقيا في الجنة الى الأبد ينعمان فيها من غير كد وعناء.

وأيضا اقتضت حكمته تعالى أن يستقر آدم وحواء في هذا الأرض الى حين يتناسلان ويكدحان وكذلك النسل والذرية ، وفي الوقت نفسه يسأل الجميع عما يأتون من أقوال وأفعال .. كما اقتضت حكمته تعالى أن يعود آدم وزوجه الى الجنة بعد الموت ، ويخلدا فيها إلى ما لا نهاية (١).

وتسأل : ما هي الحكمة من دخول آدم الجنة ، ثم الخروج منها الى الأرض ، ثم خروجه وعودته ثانية الى الجنة بعد الموت؟

الجواب : ربما كانت الحكمة أن يمر آدم بتجربة ينتفع بها ، ويستفيد منها هو وأبناؤه من بعده ، وان يعود الى هذه الأرض مزودا بهذه التجربة المفيدة النافعة ، وأعني بها ان الإنسان لا يستطيع أبدا أن يعيش في فوضى ، وكما يريد من غير مقاييس ومعايير ، وان من راعاها مالكا لإرادته غير مندفع مع ميوله عاش في هناء وسعادة لا تحديد لها ولا نهاية ، وان من استخف بالقيم وضعف

__________________

(١) جاء في الاخبار ان آدم يكنى في الجنة بأبي محمد توقيرا وتعظيما ، ولا يكنى في الجنة انسان غيره.