و (لِلْمُتَّقِينَ) أوله واو ، لأنه وقي وقاية ، ثم قلبت الواو تاء ، والوقاية في اللغة مطلق الصيانة والتحفظ ، وفي الشريعة الوقاية من سخط الله وعقابه على ترك واجب ، أو فعل محرم ، قال أمير المؤمنين (ع) : التقى رأس الأخلاق. وقال بعضهم : التقى ان لا يراك الله ، حيث نهاك ، ولا يفقدك ، حيث أمرك ، وبالتقوى وحدها يكون التفاضل عند الله : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ).
وتسأل : ان المتقين مهتدون ، فلا يحتاجون الى من يهديهم ، تماما كما لا يحتاج العالم الى من يعلمه؟.
الجواب : ان المعلم يلقي دروسه على جميع الطلاب ، الأذكياء والبلداء ، ولكن الذين ينتفعون بالمعلم هم الأذكياء المجتهدون الذين تكون عاقبتهم الى النجاح ، وعليه يصح أن يقال : ان المعلم هو معلم الناجحين ، وكذا القرآن الكريم ، فانه قد خاطب الجميع دون استثناء ، ولكن الذين انتفعوا به هم الذين صاروا من المؤمنين المتقين ، ومن أجل هذا خصهم بالذكر ، على ان المتقي يستمر ويزداد. تقى بالقرآن : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً).
الذن ومنون بالغب الآية ٣ ـ ٥ :
(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤) أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥))
العالم بكل شيء لا مكان له :
قيل : ان عالما كان يجلس في مكان الصدارة ، والناس من حوله يستمعون