الأئمة عليهمالسلام ، فقد كانوا يستجيزون بعضهم بعضا ويسمعون ويقرؤون ، ويشهد على ذلك : الرواية المتقدمة (١) عن احمد بن عمر الحلال ، ففي السؤال الوارد في الرواية إشعار بأن الاجازة مما لا بد منها ، ولهذا لم يرفض الامام عليهالسلام ذلك بل أجابه بشرط العلم ، وأبلغ من ذلك رواية أحمد بن محمد بن عيسى فإنه سافر إلى الكوفة ، قال : خرجت إلى الكوفة فلقيت الحسن بن علي الوشاء ، فسألته أن يخرج كتاب العلاء بن رزين ، وأبان بن عثمان ، فأخرجهما إلي فقلت له أحب أن تجيزهما لي.
فقال لي : يرحمك الله ، وما عجلتك؟ اذهب فاكتبهما واسمع من بعد ... (٢) فيفهم منها ان الاجازة كانت متعارفة بين أصحاب الأئمة عليهمالسلام ، فتثبت السيرة بذلك بلا رادع عنها ، وذلك كاف في الحجية.
ومما يؤكد الأمر ما ورد في ترجمة محمد بن سنان ، في رواية أيوب بن نوح ، ورواية الفضل بن شاذان ...
ففي الأولى : عن الكشي ، عن حمدويه ، أن أيوب بن نوح دفع إليه دفترا فيه روايات محمد بن سنان ، وقال : إن شئتم أن تكتبوا فافعلوا فإني كتبت عن محمد بن سنان ، ولكن لا أروي لكم عنه شيئا ، فإنه قال قبل موته : كلّما حدثتكم به لم يكن لي سماعا ولا رواية وإنما وجدته (٣).
وفي الثانية : قال ابن شاذان : لا أحل لكم ان ترووا أحاديث محمد بن سنان عني ما دمت حيا ، وأذن في الرواية بعد موته (٤).
وذلك كله كاشف عن ثبوت السيرة العملية بين الرواة والمحدثين.
__________________
(١) تقدم ذكرها في ص ١٧٢ من هذا الكتاب.
(٢) رجال النجاشي ج ١ الطبعة الاولى المحققة ص ١٣٨.
(٣) رجال الكشي مؤسسة آل البيت ج ٢ ص ٧٩٥.
(٤) ن. ص ص ٧٩٦.