وذلك يظهر من الرجوع الى كتبهم ، فإنهم يعتمدون فيها على السماع أو الكتب ، وانهم إذا نقلوا عن أحد ـ مثلا ـ ذكروا مستندهم في ذلك ، وأنهم سمعوا منه.
ويتّضح ذلك بملاحظة رجال النجاشي ، فهو يعتمد فيه لتوثيق شخص أو تضعيفه على مشايخه ، كما يظهر من نقله ـ في خلال تراجمه ـ عن كثير من الاشخاص ، كابن الغضائري ، والكشّي ، وابن عقدة ، وابن نوح ، وابن بابويه ، وأبي المفضّل ، وغيرهم ، وكذلك عن كتب جمّة وقد احصيناها فبلغت أكثر من عشرين كتابا ، كرجال أبي العباس ، وابن فضال ، والعقيقي ، والطّبقات لسعد بن عبد الله ، والفهرست لابي عبد الله الحسين بن الحسن بن بابويه ، ولحميد بن زياد ، ولابن النديم ، ولابن بطّة ، ولابن الوليد ، ولغيرهم من الفهارس والكتب وهكذا الشيخ قدسسره فانه صرح في العدة بقوله : «... انا وجدنا الطائفة ميزّت الرّجال الناقلة لهذه الأخبار فوثّقت الثقاة منهم ، وضعّفت الضعاف ، وفرّقوا بين من يعتمد على حديثه وروايته ، ومن لا يعتمد على خبره ، ومدحوا الممدوح منهم ، وذمّوا المذموم ، وقالوا : فلان متهّم في حديثه ، وفلان كذّاب ، وفلان مخلط ، وفلان مخالف في المذهب والاعتقاد ...» (١) ومن المعلوم ـ ان الكتب الخاصة بأحوال الرواة وطبقاتهم وأخبارهم عن مشايخهم ومن قريبي العهد بهم كثيرة جدا ، وقد وقفنا على أكثر من أربعين كتابا منها ، مضافا الى تمكّنهم من الاطلاع عن طريق النقل ، والمشافهة ، فاحتمال الحدس في حقهم لا يعتد به ، كيف وفي حالة الاختلاف ينصون على ذلك ، حذرا من الالتباس والتدليس. فتوثيقات الرجاليّين لا تكون عن حدس واجتهاد بل سماعا من المشايخ.
ان قلت : كثيرا ما نرى أن الرجاليّين كالشيخ الطوسي ، والشيخ النجاشي ،
__________________
(١) عدّة الاصول الطبعة الاولى المحقّقة ج ١ ص ٣٦٦.