وغيرهما ، يذكرون التوثيق ، والتضعيف ، من دون أن يستندوا إلى شيخ معيّن ، حتى نميّزه فيكون ذلك كالارسال في الرواية ، فكما أن الارسال فيها غير حجّة فكذا هنا ، واي فرق بين الموردين؟!
قلت : إن الفرق بين الموردين واضح عند التأمّل ، فإن ارسال مثل الشيخ ، والنجاشي ، إنّما يكون بعد سماعهم عن مشايخهم ، جميعهم أو أكثرهم ، بحيث يحصل لهم العلم الوجداني أو التعبدي بذلك ، فيوجب العلم بأن الوسائط ثقاة ، ولو كان لديهم أدنى شك أو إختلاف لنسبوا ما ذكروه الى الشخص الّذي نقلوا عنه ، فكيف يقاس ذلك بالإرسال في الرواية ، فإنّ الإرسال فيها غير موجب للعلم بوثاقة من ارسل عنه ، نعم إذا علمنا ان المرسل لا يرسل إلّا عن ثقة ، أمكن الاعتماد على مراسيله ، كما في مراسيل ابن أبي عمير وصفوان والبزنطي ، وغيرهم ، على وجه كما سيأتي.
هذا كله عند المتقدمين قريبي العهد بالرواية والراوي ، فقد يكون بينهم وبين الراوي واسطة واحدة أو اثنتان فيمكنهم معرفة حاله حسا ، كما هو الظاهر ، واحتمال الحدس موهون ، لا يعتنى به.
بخلاف المتأخّرين ، فإنهم بعيدون عن زمن الرواة ، فاحتمال نقلهم عن حسّ موهون ، وكلّما كان الزمان متأخرا قوي جانب الحدس على الحسّ ، فلا يمكن الاعتماد على توثيقاتهم ، الا بالنسبة الى مشايخهم ، أو مشايخ مشايخهم ، لوضوح جانب الحسّ فيها.
فاذا أحرزنا أن نقلهم كان عن حسّ ، أو ذكروا مستندهم في التوثيق ، بنقل عن نقل ، وسماع عن سماع ، فلا إشكال في الأخذ به ، إلّا أنه نادر الحصول.
قد يقال : إن سلسلة السند قد انقطعت في زمان الشيخ لأن من بعده مقلّد له ، فلا يمكنهم الإخبار عن حسّ.