أما الجهة الثانية وهي وجود المانع ، فقد أورد عليها بأنه لا يخلو أن يكون مراده من صحة الروايات ، إما أنها واجدة لشرائط الحجية من جهة وثاقة الرواة ، وأمّا من جهة وجود القرائن ، وإن لم يكن رواتها ثقاة وكلا الأمرين محلّ نظر.
أمّا الأول فلاشتماله على روايات بعضها رواها الضعاف كأبي البختري وأمثاله ، وبعضها مرسلة ، وبعضها مقطوعة ، فكيف تكون واجدة لشرائط الحجية. (١)
وأمّا الثاني فهو وإن كان ممكنا في نفسه ، الّا أنه يستبعد وجود أمارات الصدق في جميع هذه الموارد مع كثرتها ، مضافا إلى أن القول بصحتها اجتهاد من الكليني ، واستنباط منه ، واجتهاده غير حجة علينا ، إذ من الممكن أن ما اعتقده قرينة على الصدق لو كان قد وصل إلينا ، لم يحصل لنا الظن بالصدق ، فضلا عن اليقين ، فلا يكفي في الاعتماد على القرينة مجرد اعتماد الكليني عليها. (٢)
هذه هي أهم الايرادات الواردة في المقام.
والحقّ أن جميع ما أورد على عبارة الكليني محلّ نظر وتأمّل.
أمّا عن الاشكال الأول على قصور العبارة فنقول : إنّ عبارة الكليني واضحة الدّلالة في المقصود ، ولا إشكال في ظهورها في صحة جميع الروايات.
وبيان ذلك : ان قوله «بالآثار الصحيحة» ، إمّا أن يكون متعلقا بقوله «يجمع» ، فيكون مفادها أن الجمع لا يكون إلا بالآثار الصحيحة ، فلا يقال للمشتمل على الآثار الصحيحة وغيرها أنه يجمع بالآثار الصحيحة ، وامّا أن يكون متعلقا بقوله «يريد» فيكون مفادها أن السائل يريد علم الدين بالآثار
__________________
(١ و ٢) معجم رجال الحديث ج ١ ص ٨٥ الطبعة الخامسة.