مجموع مشايخ هؤلاء الثلاثة قريب من ستّمائة شخص ، وقبل الدخول في التفصيل لا بدّ لنا من ذكر أمرين :
الأوّل : انّ الشهادة الواردة عن الشيخ تنحل إلى شهادتين ضمنيتين تعليليتين ، الأولى ترجع إلى المسانيد ، والثانية ترجع إلى المراسيل ، ومؤداهما انّ كلّ من رووا أو أرسلوا عنه فهو ثقة ، وقد عمل الأصحاب على طبقهما معا ، وهذا هو أصل الشهادة.
الثاني : انّ مدلول الشهادة يحتمل فيه أحد أمرين :
أ ـ إفادة التوثيق مطلقا بمقتضى قوله : لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة ـ وسيأتي تفصيله ـ.
ب ـ إفادة التوثيق لا مطلقا ، بمعنى أن هؤلاء المشايخ لا يروون إلّا عمّن يثقون به أنفسهم ، بقطع النظر عن الآخرين ، بمقتضى التعليل المستفاد من قوله :
إنّهم لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة وبعبارة أوضح أن أبن أبي عمير لا يروي إلّا عمّن يراه ثقة في نظره ، بغضّ النظر عن كونه ثقة في نظر الآخرين أم لا؟ وعلى هذا لا معنى لأن يكون موثّقا عند الآخرين غير موثّق عنده.
ثمّ إنّ لكلّ من الاحتمالين مرجّحا :
أمّا وجه ترجيح الاحتمال الأوّل وهو إرادة التوثيق عند الجميع ، فهذا هو الظاهر من العبارة ، فإنّ كون الراوي ثقة أي موثوق به عند الأصحاب ، لا أنّه ثقة عند الراوي كابن أبي عمير فقط.
وأمّا وجه ترجيح الاحتمال الثاني وهو إرادة التوثيق في نظر ابن أبي عمير فقط ، فلاستبعاد أن يكون جميع من روى عنهم هؤلاء الثلاثة موردا للاتّفاق على وثاقتهم ، نعم ذكر الكشّي أنّ الاتّفاق وقع على وثاقة ثمانية عشر أو واحد وعشرين أو أثنين وعشرين شخصا ، وهم أصحاب الاجماع ، وقد مرّ البحث