تقدّم عليه ، كما أنّ العلامة لا يناقش في المشايخ ، بل في نفس الاسناد ، وما ذلك إلّا لأنّهم مشايخ الاجازة ، ووثاقتهم محرزة.
الثالث : ما يظهر من كلمات النجاشي ، والشيخ ، وغيرهما من الرجاليين أنّهم كانوا يتحرّزون في الرواية عن الضعيف ، وقد تقدّم أنّ النجاشي كان دأبه وطريقته عدم الرواية عمّن يغمز أو يتّهم بشيء ، كما أنّ هذه هي طريقة غيره من المشايخ.
وقد مرّ علينا انّ المشايخ لم يمكّنوا ابن الغضائري من الدخول على أبي طالب الأنباري ، لاتّهامه بالغلوّ والارتفاع ، وهذا دليل على انّهم لا يروون عن الضعفاء.
وأمّا ما يقال : لماذا أغفل الرجاليّون ذكر مشايخ الاجازة ، ولم ينصّوا على وثاقتهم؟ فقد أجاب عنه صاحب المعالم بأنّ الرجاليّين لم يكونوا في صدد ذكر كلّ أحد ، بل كانوا في مقام ذكر المصنّفين ، فلعلّ إغفال ذكر المشايخ بسبب أنّهم لم يكونوا من جملة المصنّفين ، وليس لهم كتب ليذكروا بها ، لا أنّه لعدم الاعتناء بهم (١).
هذا غاية ما يمكن الاستدلال به على هذه الدعوى.
وقد ناقش السيّد الاستاذ قدسسره في ذلك بمناقشات ثلاث :
الاولى : وهي حليّة ، وحاصلها أنّ مشايخ الاجازة بماذا يمتازون عن غيرهم من سائر الرواة ، وهل هم إلّا كغيرهم من الرواة؟ وقد ذكرنا فيما سبق أقسام تحمل الرواية ومنها الاجازة ، وفائدتها تصحيح الأسناد إلى المجيز ، والحكاية عنه ، ومعاملته معاملة الراوي ، وعليه فلا يكون للمجيز امتياز على
__________________
(١) منتقى الجمان ج ١ الفائدة التاسعة ص ٣٩ الطبعة الاولى ـ جامعة المدرسين ـ.