دلالتها على التوثيق ، وعدمه تختلف بحسب الموارد ، فإن كانت في الأمور الشخصية كالبوّاب والخادم والقيّم فلا دلالة فيها على الوثاقة ، وإن كانت في الأمور الدينيّة والقضايا المالية ، أو كانت على نحو العموم كالوكلاء الأربعة ، فلا نوافق على عدم الحكم بالوثاقة ، بل قد تكون فوق الوثاقة ، فلا يمكن أن يولّي الامام عليهالسلام أحدا على ناحية من النواحي ، أو في أمر ديني أو نحو ذلك ، وهو غير ثقة ، وذلك للدليل العقلي ، لكن لا من حيث الملازمة العقلية ، بل من حيث الملازمة العادية ، أي بمقتضى السيرة العرفية ، وعادة العقلاء ، وسيرة أهل الشرع أنّ الوكيل في مثل هذه القضايا ثقة ، فكيف بالامام وهو سيّدهم؟
ولو جوّزنا للمعصوم عليهالسلام أن يتّخذ شخصا غير عادل وكيلا عنه ، لكان فيه مهانة وهتك للدين ، ويجلّ مقام الامام عليهالسلام من ذلك.
وممّا يؤيد ، أنّ من سوّلت له نفسه وادّعى الوكالة زورا عن الأئمّة عليهمالسلام ، لم يسكتوا على ذلك بل بادروا للتكذيب ، وإصدار التوقيعات المكذّبة للدعوى الباطلة ، حذرا من وقوع الفساد في الدين ، فكيف يمكن الالتزام بأنّ الامام يسكت عن وكيل يضع الأحاديث ، ويضلّل الناس من دون أن يظهر أمره؟
وممّا يؤيّد أيضا ، ما ورد في بعض الروايات الدالّة على منزلة الوكيل عند الامام عليهالسلام ، ومنها : ما أورده الشيخ بسند صحيح في كتاب الغيبة عن ابن أبي جيد ، عن أبي الوليد ، عن الصفّار ، عن محمد بن عيسى ، قال : كتب أبو الحسن العسكري عليهالسلام إلى الموالي ببغداد والمدائن والسواد وما يليها : قد أقمت أبا علي بن راشد مقام علي بن الحسين بن عبد ربه ، ومن قبله من وكلائي ، وقد أوجبت في طاعته طاعتي ، وفي عصيانه الخروج إلى عصياني (١) ... وفي رواية اخرى
__________________
(١) كتاب الغيبة ص ٢١٢ الطبعة الثانية.