أوّلا : أنّ ما نقله عن الشيخ المفيد قدسسره لا يتلاءم مع ما ورد في الرسالة العددية كما تقدّم.
وثانيا : أنّا لم نعرف وجها لقوله وكان في نفسه مختلطا ولم يذكر ما يدلّ عليه ، نعم لعلّ منشأ نسبة التخليط إليه قوله : «روى عنه جماعة غمز فيهم وضعّفوا» بل كيف يعرف كونه مخلطا إذا كان الرواة عنه ضعفاء ونحن لا نريد أن نعترض على الشهادة فلعلّ النجاشي اعتمد على مبادىء ومقدّمات لم تصل إلينا وإنّما الغرض هو الإشارة إلى هذه الملاحظة وإلّا فكلام النجاشي لم نعرف وجهه.
وأمّا الرواية فلا بدّ من توجيهها ، وقد ذكر السيّد الاستاذ قدسسره أنّ الرواية محمولة على نحو من التورية (١) ، ويحتمل انّ المراد أنّه عليهالسلام ما رآه حالة الدخول ولا يمنع ذلك أنّه كان يدخل عليه ، ويحتمل أيضا انّه كان يدخل عليه ولكن في غير داره عليهالسلام ، وعلى أيّ حال فإمّا أن توجّه الرواية وإلّا فلا بدّ من ردّ علمها إلى أهلها ، فإنها بحسب الظاهر لا يمكن تصديقها والاعتماد عليها فلا تعارض الصحيحة المتقدمة الدالة على صدقه في الحديث مضافا إلى ما دل على جلالته ومكانته عند الائمة عليهمالسلام وأنه أودع بعض الاسرار ، وأما قول النجاشي رحمهالله : «قل ما يورد عنه شيء في الحلال والحرام» مع ان روايته في الكتب الأربعة كثيرة ، فلعله أمر نسبي إذا قيس عدد رواياته الى روايات غيره.
والحاصل انّه لا إشكال في وثاقة جابر بن يزيد ، لما مرّ من الروايات والكلمات الصريحة الدالة على أنّه من الثقاة الأجلّاء ، ومن خواصّ الأئمة عليهمالسلام ، وانّه باب لعلومهم عليهمالسلام ، وحافظ لأسرارهم عليهمالسلام ، فلا وجه للتوقّف في رواياته ، نعم ، إذا كان هنا توقّف ففي من روى عنه ، فلا بدّ من ملاحظة أحوالهم والله العالم.
__________________
(١) معجم رجال الحديث ج ٤ ص ٣٤٤ الطبعة الخامسة.