بعد ـ والذي يدلّ على ذلك ، إجماع الفرقة المحقة ، فإني وجدتها مجتمعة على العمل بهذه الاخبار التي رووها في تصانيفهم ، ودوّنوها في أصولهم ، لا يتناكرون ذلك ، ولا يتدافعونه ، حتى أن واحدا منهم إذا أفتى بشيء لا يعرفونه سألوه : من أين قلت هذا؟ فإذا أحالهم على كتاب معروف ، أو أصل مشهور ، وكان راويه ثقة لا ينكرون حديثه سكتوا وسلموا الأمر في ذلك ، وقبلوا قوله ، وهذه عادتهم ... والقرائن التي تدل على صحة متضمن الأخبار التي لا توجب العلم أشياء أربعة.
الاول منها ان تكون موافقة لادلة العقل وما اقتضاه ، لأن الاشياء في العقل إذا كانت إما على الحظر أو الاباحة على مذهب قوم أو الوقف على ما نذهب إليه ، فمتى ورد الخبر متضمنا للحظر او الإباحة ، ولا يكون هناك ما يدل على العمل بخلافه ، وجب ان يكون ذلك دليلا على صحة متضمنه عند من اختار ذلك. وأما على مذهبنا الذي نختاره في الوقف ، فمتى ورد الخبر موافقا لذلك ، وتضمن وجوب التوقف ، كان ذلك دليلا أيضا على صحة متضمنه إلا أن يدل دليل على العمل بأحدهما ...
ومنها : ان يكون الخبر مطابقا لنص الكتاب ، إما خصوصه ، أو عمومه ، أو دليله ، أو فحواه ، فإن جميع ذلك دليل على صحة متضمنه إلا ان يدل دليل يوجب العلم يقترن بذلك الخبر يدل على جواز تخصيص العموم به ، أو ترك دليل الخطاب ، فيجب المصير إليه ...
ومنها : ان يكون الخبر موافقا للسنة المقطوع بها من جهة التواتر ...
ومنها : ان يكون موافقا لما اجتمعت الفرقة المحقّة عليه ، فإنه متى كان كذلك دلّ أيضا على صحة متضمنه ... ـ فهذه القرائن كلها تدلّ على صحة متضمن أخبار الآحاد ولا يدلّ على صحتها انفسها ... وأما القرائن التى تدل على