المقدار ، وهو أمر واضح لا يقبل النقاش.
فتحصّل أن ما صححه الكليني معتمدا على القرائن ، ـ ومراده هذه القرائن الخمس ، واعتماده عليها ـ عن حس ، لا عن حدس ، وذلك :
اما القرينة الاولى : وهي مطابقة الرواية للعقل ، إما لاصالة الحظر ، او الاباحة ، وإما لاصالة الوقف كما هو مختار الشيخ ، فالظاهر انها ليست مورد الاعتماد في الروايات ، أما أصالة الوقف فالروايات المتضمنة لها نادرة ، وأما أصالة الإباحة أو الحظر فلا بد من استظهار ذلك من كلماتهم ، والا فالاعتماد عليه ليس معروفا عنهم ، فإن المعتمد من القرائن عادة بل غالبا هي القرائن الثلاث ، وهي موافقة الكتاب ، والسنة ، والاجماع. أما موافقة الرواية للكتاب فهي على أنحاء فتارة تطابق نص الكتاب ، وأخرى عموم الكتاب ، وثالثة خصوصه ، ورابعة دليله ، وخامسة فحواه ، وهكذا مطابقة الرواية للسنة المقطوع بها أو الاجماع.
اما تحصيل الاجماع ، فهو عن حسّ ، ومطابقة الرواية له أيضا أمر حسي ، لا حدسي ، وأما موافقة الرواية للكتاب ، والسنة ، من خصوصهما أو عمومهما ، فهي حسية بلا إشكال ، وأما المطابقة لدليل الكتاب والسنّة ، وفحواها ، فقد يقال إن معرفة فحوى الكتاب ، او دليله حدسية ، للحدس والاجتهاد في فهمها. إلا أن الكلام ليس في معرفتهما ، بل في مطابقة الرواية لهما بعد فرض ثبوت الدليل ، والفحوى.
ومن المعلوم أن عملية التطبيق حسية ، وتصحيح الشيخ الكليني للرواية من جهة مطابقتها لفحوى الكتاب أو دليله الثابتين عند جميع الاصحاب مستند إلى الحس كما لا يخفى نعم أصل الصغرى أي الفحوى ، والدليل حدسي ، واجتهادي ، وكذلك دليل العقل ، وبهما يناقش في ثبوت الاجماع ، ومن ذلك