فقال له الهادي : أيما أحب إليك ثلاثون ألفا معجلة ، أو مائة ألف تدور في الدواوين؟ قال : يا أمير المؤمنين أنت تحسن ما هو أحسن من هذا ، ولكنك أنسيته أفتأذن لي أن أذكرك؟ قال : نعم! قال : تعجل الثلاثون الألف وتدور المائة الألف. قال بل يعجلان لك جميعا ، فحمل ذلك إليه.
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن أحمد بن موسى بن الصّلت ـ إجازة ـ أخبرنا علي بن عبد الله بن المغيرة الجوهريّ ، حدّثنا أحمد بن سعيد الدّمشقيّ ، حدثني الزّبير بن بكّار قال : سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول : حدثني أبو العتاهية أنه أنشد موسى الخليفة قوله :
أفنيت عمرك إدبارا وإقبالا |
|
تبغي البنين وتبغي الأهل والمالا |
فأمر لي بعشرة آلاف درهم من قبل المعلّى ، فأتيته أتنجز ما أمر لي به. فقال لي امدحه بقصيدة وخذها ، فقلت له قد أنسيت المدح وذهب عني ، فأيأسني ، فلقيت أبا الوليد فقلت :
أبلغ ـ سلمت أبا الوليد ـ سلامي |
|
عني أمير المؤمنين أمامي |
فإذا فرغت من السلام فقل له |
|
قد كان ما قد كان من أفحامي |
ولئن منعت فليس ذاك بمبطل |
|
ما قد مضى من حرمتي وذمامي |
فلربما قصدت إليك مودتي |
|
ونصيحتي بلباب كل كلام |
أيام لي سن ورونق جدة |
|
والشيء قد يبلى على الأيام |
فأنشدها أمير المؤمنين ، فأمر المعلّى أن لا يبرح من موضعه حتى يصير إلى المال ، فحمل إلى من منزله.
أخبرني الأزهري ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة قال : حكى عن إبراهيم بن إسحاق الموصليّ قال : كنا يوما عند موسى الهادي وعنده ابن جامع ومعاذ بن الطّيّب. فكان أول من دخل عليه معاذ وكان حاذقا بالغناء عارفا بقديمه. فقال : من أطربني منكم اليوم فله حكمه ، فغناه ابن جامع غناء فلم يحركه ، وعرفت غرضه في الأغاني ، فقال : هات يا إبراهيم فغنيته :
سليمى أزمعت بينا |
|
فأين لقاؤها أينا؟ |
فطرب حتى قام من مجلسه ورفع صوته وقال : أعد بالله ، فأعدت ، فقال : هذا غرضي ، فاحتكم. فقلت : يا أمير المؤمنين حائط عبد الملك بن مروان وعينه الخرارة