يحيى أبو يحيى السّمرقنديّ ، حدّثنا نصر بن يحيى البلخي ، حدّثنا الحسن بن زياد اللؤلؤي قال : كانت هاهنا امرأة يقال لها أم عمران مجنونة ، وكانت جالسة في الكناسة فمر بها رجل فكلمها بشيء ، فقالت له : يا ابن الزانيين. وابن أبي ليلى حاضر يسمع ذلك فقال للرجل : أدخلها عليّ المسجد ، وأقام عليها حدين حدا لأبيه ، وحدا لأمه ، فبلغ ذلك أبا حنيفة فقال : أخطأ فيها في ستة مواضع ، أقام الحد في المسجد ، ولا تقام الحدود في المساجد ، وضربها قائمة والنساء يضربن قعودا ، وضرب لأبيه حدا ولأمه حدا ولو أن رجلا قذف جماعة كأن عليه حد واحد ، وجمع بين حدين ولا يجمع بين حدين حتى يخف أحدهما ، والمجنونة ليس عليها حد ، وحد لأبويه وهما غائبان لم يحضرا فيدعيان. فبلغ ذلك ابن أبي ليلى فدخل على الأمير فشكى إليه وحجر على أبي حنيفة. وقال : لا يفتي ، فلم يفت أياما حتى قدم رسول من ولي العهد فأمر أن يعرض على أبي حنيفة مسائل حتى يفتي فيها. فأبى أبو حنيفة وقال : أنا محجور عليّ ، فذهب الرسول إلى الأمير فقال الأمير قد أذنت له ، فقعد فأفتى.
أخبرنا التنوخي ، حدّثنا أحمد بن عبد الله الورّاق الدّوريّ ، أخبرنا أحمد بن القاسم ابن نصر أخو أبي اللّيث الفرائضيّ ، حدّثنا سليمان بن أبي شيخ ، حدّثنا عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي قال : قال رجل بالشام للحكم بن هشام الثّقفيّ : أخبرنى عن أبي حنيفة ، قال : على الخبير سقطت ، كان أبو حنيفة لا يخرج أحدا من قبلة رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى يخرج من الباب الذي منه دخل ، وكان من أعظم الناس أمانة ، وأراده سلطاننا على أن يتولى مفاتيح خزائنه أو يضرب ظهره ، فاختار عذابهم على عذاب الله. فقال له : ما رأيت أحدا وصف أبا حنيفة بمثل ما وصفته به. قال : هو كما قلت لك.
أخبرني عبد الله بن يحيى السّكّري ، أخبرنا إسماعيل بن محمّد الصّفّار ، حدّثنا أحمد بن منصور الرمادي ، حدّثنا عبد الرزاق قال : شهدت أبا حنيفة في مسجد الخيف فسأله رجل عن شيء فأجابه. فقال رجل : إن الحسن يقول كذا وكذا. قال أبو حنيفة : أخطأ الحسن ، قال فجاء رجل مغطى الوجه قد عصب على وجهه فقال : أنت تقول أخطأ الحسن يا ابن الزانية؟ ثم مضى ، فما تغير وجهه ولا تلون ، ثم قال : إي والله أخطأ الحسن وأصاب ابن مسعود.