القصار : مالك عندي شيء وأنكره ، ثم إن رب الثوب رجع إليه فدفع إليه الثوب مقصورا ، أله أجرة؟ فإن قال له أجرة فقل أخطأت ، وإن قال لا أجرة له فقل أخطأت. فصار إليه فسأله فقال أبو يوسف : له الأجرة ، فقال أخطأت. فنظر ساعة ثم قال : لا أجرة له فقال أخطأت ، فقام أبو يوسف من ساعته فأتى أبا حنيفة ، فقال له : ما جاء بك إلا مسألة القصار؟ قال : أجل! قال : سبحان الله من قعد يفتي الناس وعقد مجلسا يتكلم في دين الله وهذا قدره لا يحسن أن يجيب في مسألة من الإجارات ، فقال يا أبا حنيفة علمني ، فقال إن كان قصره بعد ما غصبه فلا أجرة له ، لأنه قصره لنفسه ، وإن كان قصره قبل أن يغصبه فله الأجرة لأنه قصره لصاحبه. ثم قال : من ظن أنه يستغنى عن التعلم فليبك على نفسه.
أخبرني أبو القاسم الأزهري ، حدّثنا عبد الرّحمن بن عمر الخلّال ، حدّثنا محمّد ابن أحمد بن يعقوب ، حدّثنا جدي قال : أملى عليّ بعض أصحابنا أبياتا مدح بها عبد الله بن المبارك أبا حنيفة :
رأيت أبا حنيفة كل يوم |
|
يزيد نبالة ويزيد خيرا |
وينطق بالصواب ويصطفيه |
|
إذا ما قال أهل الجور جورا |
يقايس من يقايسه بلب |
|
فمن ذا يجعلون له نظيرا |
كفانا فقد حمّاد وكانت |
|
مصيبتنا به أمرا كبيرا |
فرد شماتة الأعداء عنا |
|
وأبدى بعده علما كثيرا |
رأيت أبا حنيفة حين يؤتى |
|
ويطلب علمه بحرا غزيرا |
إذا ما المشكلات تدافعتها |
|
رجال العلم كان بها بصيرا |
أخبرنا الحسين بن علي الحنيفي قال : أنشدنا أبو القاسم عبد الله بن محمّد الشّاهد ، أنشدنا مكرم بن أحمد ـ لأبي القاسم غسان بن محمّد بن عبد الله بن سالم التّميميّ :
وضع القياس أبو حنيفة كله |
|
فأتى بأوضح حجة وقياس |
وبنى على الآثار رأس بنائه |
|
فأتت غوامضه على الآساس |
والناس يتبعون فيها قوله |
|
لما استبان ضياؤه للناس |
أخبرني علي بن أبي علي البصريّ ، حدّثنا القاضي أبو نصر محمّد بن محمّد بن سهل النّيسابوريّ ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب الأصمّ ، حدثني أحمد بن