راجعة للمتعاطفات لأنّها جرت على موصوف متعيّن تعلّقه بأحد المتعاطفات ، وهو قوله : (مِنْ نِسائِكُمُ) المتعلق بقوله : (وَرَبائِبُكُمُ) ولا يصلح تعلّقه ب (أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ).
وقال علي بن أبي طالب ، وزيد بن ثابت ، وابن عمر ، وعبد الله بن عبّاس ، ومجاهد، وجابر ، وابن الزبير : لا تحرم أمّ المرأة على زوج ابنتها حتّى يدخل بابنتها حملا للمطلق على المقيّد ، وهو الأصحّ محملا. ولم يستطع الجمهور أن يوجّهوا مذهبهم بعلّة بيّنة ، ولا أن يستظهروا عليه بأثر. وعلّة تحريم المرأة على زوج ابنتها تساوي علّة تحريم ربيبة الرجل عليه ، ويظهر أنّ الله ذكر أمّهات النساء قبل أن يذكر الربائب ، فلو أراد اشتراط الدخول بالأمّهات في تحريمهنّ على أزواج بناتهنّ لذكره في أوّل الكلام قبل أن يذكره مع الربائب.
وهنالك رواية عن زيد بن ثابت أنّه قال : إذا طلّق الأمّ قبل البناء فله التزوّج بابنتها ، وإذا ماتت حرمت عليه ابنتها. وكأنّه نظر إلى أنّ الطلاق عدول عن العقد ، والموت أمر قاهر ، فكأنّه كان ناويا الدخول بها ، ولا حظّ لهذا القول.
وقوله : (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ) الحلائل جمع الحليلة فعيلة بمعنى فاعلة ، وهي الزوجة ، لأنّها تحلّ معه ، وقال الزجّاج : هي فعيلة بمعنى مفعولة ، أي محلّلة إذ أباحها أهلها له ، فيكون من مجيء فعيل للمفعول من الرباعي في قولهم حكيم ، والعدول عن أن يقال : وما نكح أبناؤكم ـ أو ـ ونساء أبنائكم إلى قوله : (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ) تفنّن لتجنّب تكرير أحد اللفظين السابقين وإلّا فلا فرق في الإطلاق بين الألفاظ الثلاثة.
وقد سمي الزوج أيضا بالحليل وهو يحتمل الوجهين كذلك. وتحريم حليلة الابن واضح العلّة ، كتحريم حليلة الأب.
وقوله : (الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) تأكيد لمعنى الأبناء لدفع احتمال المجاز ، إذ كانت العرب تسمّي المتبنّى ابنا ، وتجعل له ما للابن ، حتّى أبطل الإسلام ذلك وقوله تعالى : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) [الأحزاب : ٥] فما دعي أحد لمتبنّيه بعد ، إلّا المقداد بن الأسود وعدّت خصوصيّة. وأكّد الله ذلك بالتشريع الفعلي بالإذن لرسوله صلىاللهعليهوسلم بتزوّج زينب ابنة جحش ، بعد أن طلّقها زيد بن حارثة الذي كان تبنّاه ، وكان يدعى زيد بن محمد. وابن الابن وابن البنت ، وإن سفلا ، أبناء من الأصلاب لأنّ للجدّ عليهم ولادة لا محالة.
وقوله : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) هذا تحريم للجمع بين الأختين فحكمته دفع