شيء قائم في الأعيان ويتوارد عليه التعينات ، بل إذا فنى هذا الإنسان فقد فنى هذا الشخص وحدث شخص آخر بعده. فكذا هذا الجسم وإن كان من حيث هو جسم مغاير لكونه منقسما أو غير منقسم إلّا أنّ الشخص منه لا يدخل في الأعيان إلّا مع أحد هذين الوصفين ، ومتى بطل عنه ذلك الوصف فلا بدّ وأن ينتفي ذلك الشخص ، وحينئذ يلزم ما تقدم من كون التقسيم إعداما. والهيولى إن كانت عند وحدة الجسم واحدة فعند القسمة قد انقسمت ، فيعود المحال ؛ وإن كانت متعددة بحسب الانقسامات الممكنة فالمقدار والجسمية الحالّة في كلّ واحد منها غير الحالّة في الآخر ، فتكون الأجزاء متميزا كلّ واحد منها عن الآخر بمادته وصورته ، ويعود المحال. ولو كانت القسمة إعداما للجسم لكانت البعوضة إذا أخذت برأس إبرتها من البحر المحيط جزءا من سطح الماء يلزم أن يعدم البحر بكليته ويوجد بحر آخر ؛ لأنّه متى تفرق الاتصال في ذلك الموضع فقد فنى ذلك المقدار ، وإذا فنى ذلك المقدار فقد فنى ما كان متصلا ، وهلم جرا إلى آخر البحر (١).
__________________
(١) المطالب العالية ٦ : ٦٣.