وعن الرابع : أنّ النسخ لا يرد على جميع الأحكام ، بل على ما يقبل التبديل والتّغيير ، على ما يأتي.
والأصل في ذلك : أنّ اعتقاد التوحيد وكلّ ما تستند معرفته إلى العقل ، فإنّ وجوبه ثابت بالعقل عند المعتزلة ، ويمنع نسخ ما ثبت وجوبه عقلا ، لأنّ الشارع لا يأتي بما يخالف العقل.
ولأنّ الأحكام الشرعية إنّما هي ألطاف في الواجبات العقليّة ، ومقرّبة إليها ، فلا تكون رافعة لها.
وعند الأشاعرة ، يجوز نسخه ، ومنعوا الإجماع ، لأنّ العقل يجوز أن لا يرد الشرع بوجوبه ابتداء ، فضلا عن نسخه بعد وجوبه.
وعن الخامس : بالمنع من عدم قبول الوقت النسخ ، فإنّه جائز عند الأشاعرة ، كما لو قال : «صم رمضان هذه السنة» ثمّ ينسخه في شعبان.
وأمّا على رأي المعتزلة ، فيمنع من عدم قبول التأبيد للنسخ (١) فلا جهل.
أمّا عند أبي الحسين ، فلوجوب اقتران اللفظ بما يدلّ على النسخ إجمالا. (٢)
وأمّا عند غيره ، فإنّ دلالة الخطاب على التأبيد ، لا يستلزم التأبيد مع القول بجواز النسخ ، فإذا اعتقد المكلّف التأبيد ، فالجهل إنّما جاء من قبل نفسه لا من
__________________
(١) في «أ» و «ب» : النّسخ.
(٢) لاحظ المعتمد : ١ / ٣٧٢.