هؤلاء تفسير وتوضيح لذلك (الأمر) المبهم وفائدته توجيه الذهن إلى معرفته ، وتفخيم شأن المبين ، وتمكينه في النفس فأبهم في كلمة (الأمر) ثم وضحه بعد ذلك تهويلا لأمر العذاب.
(٤) ومنها : التوشيع : وهو أن يؤتى في آخر الكلام بمثنى مفسر بمفردين ليُرى المعنى في صورتين ، يخرج فيهما من الخفاء المستوحش إلى الظهور المأنوس ، نحو : العلم علمان ، علم الأبدان ، وعلم الأديان.
(٥) ومنها : التكرير : وهو ذكر الشيء مرتين أو أكثر لأغراض :
الأوّل : التأكيد وتقرير المعنى في النفس كقوله تعالى (كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون) (١) وكقوله تعالى : (فانَّ مع العُسر يُسراً إن مع العُسر يُسراً).
الثاني : طول الفصل. لئلا يجىء مبتوراً ليس له طلاوة كقوله تعالى (يا أبتِ إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رايتهم لي ساجدين) ، فكّرر (رأيت) لطول الفصل ـ ومن هذا قول الشاعر :
وإنَّ امرأ دامت مواثيق عهده |
|
على مثل هذا إنه لكريمُ (٢) |
الثالث : قصد الاستيعاب : نحو قرأت الكتاب باباً باباً ، وفهمته كلمة كلمة.
الرابع : زيادة الترغيب في العفو كقوله تعالى : (إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم ، وإن تعفو وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم).
الخامس : الترغيب في قبول النصح باستمالة المخاطب لقبول الخطاب كقوله تعالى (وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاعٌ وإن الآخرة هي دار القرار) ففي تكرير (يا قوم) تعطيف لقلوبهم ، حتى لا يشكوا في إخلاصه لهم في نصحه.
__________________
(١) أي سوف تعلمون ما أنتم عليه من الخطأ إذا شاهدتم هول المحشر ، فقد أكد الانذار بتكريره ليكون أبلغ تأثيرا وأشد تخويفا.
(٢) الشاهد في تكرير (إن) التي في أول البيت ، وتكريرها في آخره.