قطعت جهيزةُ قول كلِّ خطيب (١).
ومن الشعر قول الشاعر :
إذا جاء موسى وألقى العصا |
|
فقد بطل السحر والساحر |
وقول آخر :
إذا قالت حذام فصدِّقوها |
|
فان القول ما قالت حذام |
وقول آخر :
متى يبلغ البنيان يوما تمامهُ |
|
إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم (٢) |
وإذا فشت وشاعت الاستعارة التمثيلية (٣) وكثُر استعمالها تكون مثلاً (٤) لا يغير مطلقا ، بحيث يخاطب به
___________________
(١) أصل هذا المثل : أن قوماً اجتمعوا للتشاور في الصلح بين حيين من العرب قتل رجل من أحدهما رجلا من الآخر ، وبينما خطباؤهم يتكلمون ، إذا بجارية تدعى (جهيزة) أقبلت فأخبرتهم أن أولياء المقتول ظفروا بالقاتل ، فقتلوه : فقال أحدهم (قطعت جهيزة قول كل خطيب) فذهب قوله مثلا.
(٢) واجراء الاستعارة في المثل التاسع : شبهت حال المصلح يبدأ الاصلاح ثم يأتي غيره فيبطل عمله ، بحال البنيان ينهض به حتى إذا أوشك أن يتم جاء من يهدمه ، والجامع هو الحالة الحاصلة من عدم الوصول إلى الغاية ، لوجود ما يفسد على المصلح اصلاحه ، ثم حذف المشبه ، واستعير التركيب الدال على المشبه به للمشبه.
(٣) وتنقسم التمثيلية إلى قسمين تحقيقة وتخييلية فالتحقيقية هي المنتزعة من عدة امور متحققة موجودة خارجا كما في الأمثلة السابقة والتخييلية هي المنتزعة من عدة أمور متخيلة مفروضة لا تحقق لها في الخارج ولا في الذهن ، وتسمى الأولى «تمثيلية تحقيقية» والثانية «تمثيلية تخييلية» كقوله تعالى (إنا عرضنا الامانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها واشفقن منها) الآية على احتمال فيها فانه لم يحصل عرض وإباء واشفاق منها حقيقة ، بل هذا تصوير وتمثيل ، بأن يفرض تشبيه حال التكاليف في ثقل حملها وصعوبة الوفاء بها ، بحال أنها عرضت على هذه الأشياء ، مع كبر أجرامها ، وقوة متانتها ، فامتنعن وخفن من حملها ، بجامع عدم تحقق الحمل في كل ، ثم استعير التركيب الدال على المشبه به ، للمشبه استعارة تمثيلية ، ونحو قوله تعالى (فقال لها وللارض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) فان معنى أمر المساء والأرض بالاتيان وامتثالهما أنه أراد تكوينهما فكانتا كما اراد ، فالغرض تصوير تأثير قدرته فيهما وتأثرهما عنها ـ وتمثيل ذلك بحالة الآمر المطاع لهما واجابتهما له بالطاعة فرضاً وتخييلا من غير أن يتحقق شيء من الخطاب والجواب ، هذا أحد وجهين في الآيتين كما في (الكشاف) فارجع اليه.
(٤) الأمثال (١) ، هي عبارات موجزة مأثورة ، يشبه الناس بها جديد أحوالهم بقديها ، وهي نوعان : حقيقة وفرضية.