من المستحيل أن يحتمل شخص تأثير أمر مهمّ في مصيره ، ولا يرى من واجبه التحقيق حوله.
وقضية الإيمان بالله والبحث عن الدين تعتبر من هذه القضايا بلا شك ، لأنّ هنالك في محتوى الدين كلام عن القضايا المصيرية ، وعن القضايا التي يرتبط خير وشر الإنسان بها ارتباطاً وثيقاً.
البعض يذكر مثالاً من أجل إيضاح هذا الموضوع ، فيقول : لنفترض أننا نجد إنساناً واقفاً على مفترق طريقين ونسمعه يقول بقطع ويقين : إنَّ البقاء هنا خَطَرٌ ، واختيار هذا الطريق (إشارة إلى أحد الطريقين) هو الآخر خطر ، والطريق الثاني هو طريق النجاة ، ثم يذكر قرائن وشواهد لكل ما قاله ، فما من شك أن أي عابر سبيل يرى نفسه ملزماً بالتحقيق ويعتقد أنّ اللامبالاة تجاه هذه الأقوال مخالفة لحكم العقل ، وبلحاظ هذه المقدمة ننتقل إلى تفسير الآيات.
* * *
إنّ أول آية من الآيات المعنية بالبحث تَعتبر دعوة رسول الله إلى الإسلام دعوةً إلى العيش والحياة الحقيقية ، وَتدل هذه الدعوة على أنّ بالإمكان جمع كل محتوى الإسلام في مفهوم «الحياة» ، الحياة التي تشمل الحياة المعنوية وتشمل الحياة المادية ، الحياة الشاملة والجامعة.
مع أنّ البعض فسر معنى الحياة هنا بأنّه بخصوص «القرآن» أو «الأيمان» أو «الجهاد» (١) ، لكن ممّا لا شك فيه أنّ الحياة مفهوم واسع يشمل كل هذه العناوين المذكورة وكل ما هو مؤثر في حياة الإنسان المعنوية والمادية.
وعلى كل حال ، إذا دعانا شخص بمثل هذه الدعوة فهل يمكن أن نغض الطرف عن
__________________
(١) ذكرت هذه الاحتمالات عن المفسرين في تفسير الكبير ، ج ١٥ ص ١٤٧ ؛ وتفسير الميزان ، ج ٩ ، ص ٤٣ ؛ وتفسير روح المعاني ، ج ٨ ، ص ١٦٩ ؛ وتفسير القرطبي ، ج ٤ ص ٢٨٢٥.