استريم» نحو مائة وخمسين كيلو متراً ، وعمقه عدة مئات من الأمتار (١) ، وتبلغ سرعته في بعض المناطق حداً بحيث يقطع مائة وستين كيلو متراً في اليوم ، وتختلف درجة حرارته عن حرارة المياه المجاورة ب ١٠ ـ ١٥ درجة.
إنَ «غولف استريم» يتسبب في حصول رياحٍ حارةٍ ، ويعطي نسبةً كبيرة من حرارته إلى البلدان الواقعة شمال اوربا ، فيعمل على تحسين جوِّها ، ولولا هذا الجريان لتعسرت الحياة كثيراً في هذه البلدان واستحالت في بعضها.
والعجيب أنّ هذه الأنهار البحرية العظيمة والتي يكمن السبب الرئيس وراء ظهورها في التفاوت في درجة حرارة المناطق الاستوائية والمناطق القطبية قليل ما تمتزج بالمياه المحيطة بها ، وتطوي آلاف الكيلو مترات بهذا الشكل ، فهي مصداقٌ لطيفٌ لـ (مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقيَانِ* بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّايَبْغِيَانِ). (٢) (الرحمن / ١٩ و ٢٠)
٨ ـ استثمار ماء البحر طبياً ـ لا حاجة لتوضيح أنّ ماء البحر له آثارٌ مفيدة لجسم واعصاب الإنسان ، ولهذا ينتشر اليوم وفي معظم مناطق العالم استثمار ماء البحر لعلاج بعض الأمراض الجلدية والعصبية ، أو لحفظ الصحة والسلامةِ ، ولو تمَّ القضاء على التلوث الأخلاقي في هذا المجال لأصبح استثمار ماء البحر مصدراً لسلامة ونشاط الناس.
٩ ـ المصدر الرئيس للمياه الجوفية ـ إنّ أهمَّ وأعظمَ وأكثر فوائد البحر هي الابخرة التي تتصاعد منه ، ثم تؤلفُ الغيوم ، وتساقُ هذه الغيوم نحو المناطق اليابسة والجافة ، فتُحييها ، حيث ذُكرَ ذلك في فصل الريح والأمطار بشكلٍ مُفصَّلٍ.
١٠ ـ توفير الماء العذب ـ يتمُّ في الكثير من المناطق التي يصعب الحصول على الماء العذب ، تأمين هذه المادة الحياتية من خلال تقطير ماء البحر فتصبح المناطق المهجورةُ مسكونة بسبب ذلك.
هذا جانبٌ من منافع وبركات البحار التي وقف عليها الإنسان حتى هذا اليوم ، وليس
__________________
(١) وقد ذُكر في بعض الكتب أنّ عمقَهُ يصل في بعض المناطق إلى (٨٠٠ م) (البحر والعجائب ، ص ٤٦).
(٢) لمزيد من التوضيح في هذا المجال يراجع التفسير الامثل ، ذيل الآية ١٩ و ٢٠ من سورة الرحمن.