وورد في مذكرات السِّيّاح والرَّحّالة قصصٌ عجيبةٌ حول النباتات التي تأكل البشر ، فيقول بعض العلماء من الممكن أن تكون هذه النباتات من النباتات آكلة الحشرات إلّاأنّها أكبر حجماً لنموها في أرضٍ غنيةٍ ، وتستطيع أن تقتنصَ احياءً أكبر في بطن فروعها واوراقها وتمتصها تدريجياً (ولكن لا يمكن تأكيد وقبول ذلك بسهولة) (١).
ومن أعجب وألطف جوانب وجود النباتات هو انتاج الثمار.
وواحد من مئات الامور الظريفة فيها وجود سائلٍ حلو ولذيذٍ في الكثير منها مخزون في أوعيةٍ صغيرة خاصةٍ مربوطةٍ بإحكامٍ ، حيث يبدو أفضل طرق الربط في عصرنا الحاضر ، بدائيةً جدّاً أزاءها.
افتحوا برتقالةً واحدة ، ستجدون كأنَّ شقاً منها يتكون من مئات القطع الزجاجية الصغيرة الظريفة التي تفيضُ بسائلٍ لذيذٍ ومعطَّر ، الزجاجات التي تجمّعت معاً دون أيِّ فاصلةٍ (ولو كان هنالك فاصلةٌ وهواء فيما بينها لفسدت بسرعة).
لكن هذه الزجاجات لا تتكسر أبداً ، وتتحمل صعوبات الحمل والنقل ، واللطيف هو إمكانية أكلها مع محتوياتها.
وكلُّ مجموعةٍ من هذه الزجاجات الصغيرة والظريفة مغلفةٌ بقشرةٍ سميكة وهي بمثابة الغلاف ، وتظهر على هيئة شقٍّ (وهذا الوعاء قابلٌ للاكلِ مع محتوياته أيضاً ، بل هو مفيدٌ للجهاز الهضمي).
وهذه الأغلفة الصغيرة تجمعّت بدونِ اقلِّ فاصلةٍ مع تفريغٍ كاملٍ من الهواء ، والتَوتْ وسط عدّة لفافاتٍ من أجل السلامة والأمان ، وفي النهاية أصبحت معدة على هيئةِ حملٍ صالحٍ جاهز للشحن لمسافات نائية.
ويُلاحظ هذا الأمر على نحوٍ أكثر طرافةً داخل ثمار الرمان والعنب والتين أيضاً.
تأملوا جيداً لو أنَّ عصارة أيٍّ من هذه الثمار وُضعت في الهواء الطلق ستتغير بعد مرور ساعة واحدة ، وقد تتعفن خلال عدّة ساعات ، إلّاأنّ تغليفها دقيقٌ ومحبوكٌ بنحوٍ لا يسمح
__________________
(١) نظرةٌ على الطبيعةِ وأسرارها ، تأليف البروفسور ليون بر تن ، ص ١٣١ ـ ١٣٤ (مع الاختصار والاقتباس).