الأرض ، و «آفاق السماء» تعني أطراف السماء ، وبما أنّها ذُكرت في آية البحث بشكلٍ مطلق ، فهي تشمل كل الأطراف شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً.
و «أَنْفُس» : لها هنا معنىً واسع حيث تتضمن الروح والجسم أيضاً ، وجميع اعضاء الجسم التي هي موضوع بحثنا.
وهنا إلى من يعود الضمير في «أَنَّهُ الحَقُّ»؟ قال بعض المفسِّرين : المقصود هو القرآن ، والمقصود من آيات الآفاق الانتصارات التي حققها المسلمون في أطراف العالم ، والمقصود من آيات الانفس ، انتصاراتُهم في بلاد العرب أي اننا نُريهم الانتصارات في أطراف العالم وفي بلاد العرب كي يعلموا أنَّ القرآن حقٌ.
وقال بعضهم : المقصود هو «رسول الله» صلىاللهعليهوآله أو دينه ، حيث لا يتفاوت كثيراً مع التفسير الأول.
لكن الظاهر هو (كما فهمهُ عددٌ من المفسِّرين) أنَّ المقصود هو الله ، أي أننا نُريهم آيات الآفاق والأنفس كي يتجلّى لهم أنَّ الله هو الحق.
يُعدّ التعبير بـ «آياتٍ» من جانبٍ ، والتعبير بـ «الآفاق والانفس» من جانبٍ آخر بالإضافة إلى الآية التي تليها والتي تتحدث عن التوحيد شواهد على هذا التفسير ، علماً أنَّ هذه الآية تتوافق مع عدة آيات في القرآن الكريم التي تعرضُ آياتِ الله في عرضِ الخلق ووجود الإنسان ، مثل : (وَفِى الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِيْنَ* وَفِى أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ). (الذاريات / ٢٠ ـ ٢١)
وقد ذُكر هذا المعنى أيضاً في تفسير على بن إبراهيم ، على الرغم من أنَّ بعض الروايات ذكرت أنَّ ضمير ، (أنّه) يقصُد به الإمام المهدي «عج» ولكن الظاهر أنّه تفسيرٌ لبطون الآيات (والجمع بين التفاسير ممكن أيضاً) ، على أيةِ حالٍ ... ففي أيٍّ منها تمعنّا نرى من خلاله آثار علمه وقدرته تعالى ، وكلُّ نباتٍ ينبتُ من الأرض ينطق بنفسه ب «لا شريك له» و «قلب كلِّ ذرة نفتحهُ ـ نرى شمسَهُ في وسطهِ».
والتعبير بـ «سنُريهم» (نظراً لأنَّ الفعل المضارع في مثل هذه الموارد يعني الاستمرارية)