المعشوقَ يتجلّى من كلِّ بابٍ وجدارٍ ، وافاض بأنواره على كلِّ موجودات الدنيا ، ورسمَ اسماءَه وصفاتهِ على جبين كلِّ الكائنات.
فقد تجلّى بمائةِ الفٍ من الأنوار ، كي نراه بمائة الفٍ من الابصار ، وهو قد اضاءَ شمساً في قلبِ كلِّ ذرةٍ ، واظهرَ آثار علمهِ وقدرتهِ في السماء والأرض.
وقد وُصِفَ في آيات القرآن بهذا الطريق وأحصى آياتهِ في الآفاق والانفس.
فتكفي عينان ، واذنان ، وقلبٌ يقظٌ كي يرى المرءُ هذه الأنوار ، وأن يسمع انغام التوحيد ، وان يدعو خيرَ المحسنين إلى القلب ، ويستضيفه في هذه الخلوةِ الانيسة ، وهذا العرش العظيم ، ويخاطبه في جذبةٍ روحيةٍ ويترنم بما يلي من الاشعار :
لَبَّيكَ يا عالماً سرّي وَنَجوائي |
|
لَبّيكَ لَبّيك يا فَقْرى وَمُغْنائي |
أدعوكَ بَلْ أَنْتَ تَدُعُوني فَهَلْ |
|
نَاجَيَتُ إيّاكَ أَو ناجَيْتَ إيائي |
حُبّي لِمَولايَ أضناني وأسْقَمَني |
|
فَكَيفَ أشكوا إلى مَوْلايَ مَوْلائي |
يا وَيْحَ رُوحي مِنْ روحي ويا أسَفي |
|
عليَّ منّي فإني أصل بَلْوائي (١) |
الهي! املأ قلوبَنا من حبّكِ ومعرفتكَ والإيمان بك.
ربّنا! أفِضْ علينا نحن العطاشى من كؤوس معرفتك واجعلنا سكارى إلى الأبد في جذبةٍ روحية من جذباتك.
يا مولاي! من الصعب طيُّ طريق معرفة ذاتك المقّدسة إلّابلطفك ورعايتك وتوفيقك ، فاجعلنا مشمولين برعايتك وفضلكَ وتوفيقك.
آمين يا رب العالمين
|
ختام الجزء الثاني من نفحات القرآن ١١ / ٤ / ١٣٦٧ الموافق لـ ١٧ ذي القعدة ١٤٠٨ |
__________________
(١) روضات الجنان ، ج ٣ ، ص ١٤٨ ، الشعر لحسين بن منصور الحلاج.