وإنطلاقاً من أنّ «السؤال» هو الدافع «للحركة» دائماً ، الحركة نحو الإجابة ، وأنّ الأسئلة كلما كانت متنوعة وعميقة كانت الحركة أوسع وأكثر تجذراً ، لهذا يجب أن تستقبل الأسئلة المهمّة بصدور واسعة ، ولا نخشَ كثرة الأسئلة وأهميّتها ، بل نستقبلها بكل رحابة صدر.
ويمكن أن تكون محصلة عمر الإنسان ليست في الحقيقة شيئاً سوى العثور على أجوبة الأسئلة ، وأنّ نتيجة جهود كل علماء العالم والفلاسفة وعلماء العلوم الطبيعية بلا استثناء هي الأجابة عن بعض هذه الأسئلة.
يحاول علماء الفلك أن يشرحوا كيفية ظهور السماوات والنظام الذي يحكمها.
وعلماء الجيولوجيا يجيبون على الأسئلة ذات العلاقة بظهور الأرض وتركيبها.
وعلماء الأنثروبولوجيا والتحليل النفسي وكل الذين يدرسون العلوم الإنسانية والاجتماعية يريدون أن يعثروا على أجوبة الأسئلة المتعلقة بهذا الموجود العجيب المسمى ب «الإنسان».
ويريد الفلاسفة بمساعيهم المتواصلة أن يطلعوا على حقيقة المُبدىء ومصير العالم ـ إلى الحد الذي يستطيع عقل البشر أن يصل إليه ـ أو الإجابة عن بعض الأسئلة المتعلقة بهذا المجال على الأقل.
نستنتج ممّا ذكرناه أنّه إن كان البحث حول «الخالق لعالم الوجود» ومبدأ هذا العالم الكبير الذي نعيش فيه من أقدم البحوث وأرسخ الأسئلة الإنسانية ، فليس ذلك أمراً عجيباً.
ولهذا نرى من واجبنا السعي بقدر استطاعتنا للعثور على جواب هذه الأسئلة :
من هو مُبدىء عالم الوجود؟ وكيف يمكن معرفته؟!
* * *