وألفت انتباهكم إلى عبارة ظريفة عن «غرسي موريسن» رئيس أكاديمية العلوم بنيويورك في كتاب «سر خلق الإنسان» ، يقول :
«قال هيغل : أعطوني الهواء والماء والمواد الكيميائية والزمان وسوف أخلق بها إنساناً ، لكن هيغل نسي أنّه بحاجة إلى نطفة وجرثومة الحياة من أجل هذا المشروع أيضاً ، إنّه بعد أن يجمع الذرات اللامرئية ويرتبها إلى جانب بعضها ضمن نظام وترتيب خاص بخلقة الإنسان ، عليه أن يمنح الروح لهذا القالب! وعلى فرض أنّه وُفّق للقيام بكل هذه الامور الخارقة للعادة ، هنالك احتمال واحد فقط من بين ملايين الاحتمالات لخلق حيوان لم تشاهد عين الدهور شيئاً أغرب منه ، والأعجب هو أن هيغل لن يقول بعد الموفقية في هذا الأمر أنّ هذا الموجود العجيب ظهر بحسب الصدفة والحدث ، بل يقول : «إن ذكائي ونبوغي هو الذي خلقه» (١).
تارة يتصور بعض السذج أنّ بالإمكان تبرير ظهور الحياة عن طريق الحوادث والصدف الكثيرة ، والحال أننا لو أردنا ووفق حساب الاحتمالات حساب عملية ظهور ذرة واحدة من البروتينات ، ـ وهي إحدى المواد المكونة للكائنات الحية ـ عن هذا الطريق ، لما كفى عمر الكرة الأرضية لظهورها!
ول «جورج والد» أستاذ علم الأحياء في جامعة «هارفارد» كلام عن شروط ظهور الحياة واستحالة إمكان خلق الحياة بالصدفة والذاتية ، هذه خلاصتُهُ :
«من أجل تشكيل البروتين يجب التحام مئات أو آلاف الجزئيات «أحماض أمينية» بنِسب مختلفة وبأشكال متنوعة على شكل سلسلة ، وإن عدد أنواع البروتينات لا محدود حقاً ، لأنّه لا يمكن العثور على نوعين من الحيوانات يكون لهما نوع واحد من البروتينات ، إذن فجزيئات المواد العضوية تشكل مجموعة عظيمة لا حدود لتنوعها وتعقيدها يبعث على الحيرة ، ومن أجل صنع موجود حي واحد لا نحتاج إلى مقدار كافٍ ونسب معينة من أنواع البروتينات اللامتناهية فحسب ، بل يجب ترتيبها ترتيباً صحيحاً أيضاً ، أي أنّ بناءها
__________________
(١) سر الخلق ، ص ١٣٩ إلى ١٤١.