ليس له من الأهميّة ما يوازي سائر تطورات الجنين المختلفة.
في نهاية الآية وردت جملة عجيبة أخرى تشكل دلالة أخرى على الأهميّة القصوى لخلق الإنسان في المرحلة الأخيرة أو في مجموع هذه المراحل ، يقول تعالى : (فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) فسبحان العليم الحكيم الذي أودع القابلية والجدارة في مثل هكذا موجود حقير.
«تبارك» : من مادة (بَرْك) بمعنى صدر الناقة ، وبما أنّ للناقة حين تضع صدرها على الأرض نوع من الثبات ، فقد جاءت هذه المفردة بمعنى «الثبات والدوام» ولأن كل نعمة كانت دائمة إزدادت أهميتها ، فقد سمّيت هكذا نعم بالمباركة.
إنّ استخدام هذه المفردة في خصوص الله إشارة إلى عظمة وقدسية وخلود ذاته المطهرة.
* * *
في الآية الخامسة والأخيرة من الآيات المعنية في بحثنا هذا يشير عزوجل إلى مسألة بقاء الروح ، بتعبيره : (اللهُ يَتَوَفّى الأَنْفُسَ حِيْنَ مَوْتِهَا).
وبلحاظ أن كلمة (يتوفّى) تعني القبض والاستلام الكامل ، و «الأنفس» هي الأرواح ، يتضح أنّ الروح ينفصل كلياً عن الجسم عند الموت وبأمر الله ، ولكن عند النوم يحصل هذا الانفصال بشكل ناقص : (وَالَّتى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِهَا).
ثم أشار إلى عدم عودة بعض الأرواح في حالة النوم وعودة البعض الآخر حتى أجل مسمى ، وأضاف : (إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (١).
__________________
(١) يقول الفخر الرازي في تفسيرهِ وتعقيباً على هذه الآية : إنّ الله الحكيم جعل ارتباط الروح الآدمية بالجسم على ثلاثة أقسام : تارة يسطع شعاع الروح على جميع الأجزاء الظاهرية والباطنية للجسم ، وهذه حالة اليقظة ، وتارة يسحب هذا الشعاع من الأجزاء الظاهرية ويبقى في الباطنية وهذه حالة النوم ، وتارة يرتفع شعاعها عن الأجزاء الظاهرية والباطنية وتلك حالة الموت.