وتحدث معه مرة اخرى ، قال لو وجد فيها ٤٠ شخصاً ، فقال هو : لا أقوم بهذا الأمر بسبب ٤٠ شخصاً ، وقال : إبراهيم أرجو أن لا يغضب سيدي حتى أتكلم بل وجد فيها ٣٠ شخصا ، قال : لو وجدت فيها ٣٠ شخصا لما فعلت ذلك.
وقال اخرى : والآن وقد منح لي أن أتكلم مع سيدي ، بل وجد هناك ٢٠ شخصاً ، قال هو لا أهلكها بسبب ٢٠ شخص ، وقال تارة اخرى ، أرجو أن لا يغضب سيدي حتى أتكلم مرّة اخرى بل وجد هناك ١٠ أشخاص ، فقال هو سوف لا أهلكلهم بسبب ١٠ أشخاص وعندما قضى الله الكلام مع إبراهيم بدأ المسير وعاد إبراهيم إلى مكانه» (١).
استناداً إلى هذه المخطوطة في التوراة إطلع الله تعالى وثلاثة من الملائكة على إبراهيم في معبر يدعى «بلوطستان» في أحد الأيّام الحارة ، ويقوم إبراهيم باستقبال الملائكة الثلاثة استقبالاً حاراً ، وهم بدورهم يتناولون من طعامه (وفهم البعض من هذه العبارة أنّ الله تعالى أكل من طعامه!! وأنّ هؤلاء النفر الثلاثة كانوا من المظاهر الثلاثية لله وفقاً لعقيدة التثليث) وعلى كل حال حمل الله البشارة إلى «سارة» بأنها سترزق ولداً ، إلّاأنّ سارة ضحكت وعاتب الله سارة بالقول لماذا ضحكت فأنكرت ذلك بأنّها لم تضحك إلّاأنّ الله أكد عليها بأنّك ضحكت.
ثم إنّ هؤلاء عزموا على الرحيل وأخذ إبراهيم يشايعهم ، وفي منتصف الطريق يحدث الله نفسه بأنّه لماذا لا يخبر إبراهيم بالقرار الذي يريد أن يتخذه في حق قوم لوط ، لذلك قال له : سمعت ضجة كبيرة من بلاد قوم لوط وقد نقل عنهم ارتكابهم لمعاصي كثيرة ، فهبطت من السماء لاحقق النظر فيما أخبرت به هل كان صحيحاً أم لا ، وإذا كان صحيحاً فسأبيدهم عن آخرهم ، ثم إنّ هؤلاء الثلاثة تحركوا تجاه «سدوم» غير أنّ إبراهيم لم يزل واقفاً أمام الله تعالى ، وبدأ بالمحاورة والمجادلة أو بالاصطلاح (الرد والبدل) فقال : ليس من العدالة بمكان أن تهلك هذه البلاد لو وجد فيها ٥٠ فرداً صالحاً ، فطمأنه الله تعالى على أنّه لو وجد فيها ذلك لما أهلكهم ، ثم يبدأ إبراهيم بالعد التنازلي بشيء من الحيطة والحذر ، وفي كل مرة
__________________
(١) التوراة ، سفر التكوين ، الفصل ١٨.