«يعقوب» ، وفي آواخر أيّام حياته حينما فقد بصره قرَّر أن يجعل ولده الأكبر وصيّاً ونائباً عنه من بعده ويبارك له (يستفاد من القرائن أنّ المقصود من هذه البركة هو نفس مقام النبوة والروح الرساليّة وقيادة الامة) إلّاأنّ يعقوب توسّل بالحيلة ولبِس ثوب أخيه الأكبر بأمر من أمّه التي كانت متعلّقة به وتفضّل له أن يقوم مقام اسحاق ، ثمَّ ربط على يده وعنقه قطعة من جلد الغنم لأن بدن أخيه كان مكتسياً بالشعر ، ممّا قد يفضي به ذلك إلى إفشاء سره لدى أبيه (الإنسان الذي يكسوه الشعر إلى هذا الحد بحيث يكون بدنه كالغنم غريب في بابه واقعاً) وبالتالي شغل مكان أخيه الأكبر بالحيلة والكذب والخداع ، واقتنع والده العجوز بلمس يده المكسّوة بالصوف فقط مع أنّه قد عرف صوته في الوهلة الاولى ثمَّ إنّه دَعا في حقه وبارك له في عمله وأعدّه وصيّاً ونائباً عنه وقيّماً على أهله وأسرته ، وحينما اطلع اخوه الأكبر على القضية بكى بكاءً مرّاً ، إلّاأنّ الأمر قد انقضى ، فحينما طلب من أبيه أن ينزل البركة عليه أيضاً ، سمع جواباً يقضي بانتهاء البركة وأنّ ما كان منها استأثر به أخوه يعقوب ولم يعد هناك فرصة لاعادة النظر!!
والغريب في الأمر هو ماذهب إليه إله اسحاق من تأييده هذا العمل أيضاً ، وتسليم مقام النبوة لرجل محتال وكذاب ومزيف ، وعلى حد قول التوراة أنّه انشأه وتعاهده وطاف به كثيراً وجعله مالكا للجماعة والامم ووارثا لملك ومآثر نبيه (إبراهيم) العظيم ، وليس فقط اسرة اسحاق مأمورة باتباعه فحسب ، بل إنّ سائر الناس مأمورون باتباعه والخضوع له تعظيما واجلالاً له.
كيف يمكن اعتبار هذه الاسطورة الكاذبة والمضحكة على أنّها وحي سماوي؟!
لو أنّ شخصاً استولى على مقام بسيط بالحيلة والكذب ـ كأن يرتدي على سبيل المثال زيا عسكريا متواضعاً ـ فإنّه بعد الكشف عن حقيقته ليس فقط يسلبون منه ذلك ، ويخلعون عنه هذا اللباس بل يعاقبونه على هذا العمل أيضاً ، لكن كيف يمكن الاستيلاء على مقام النبوة والحصول على البركة الإلهيّة وقيادة المجتمع بالخداع والمكر ، ثم الإبقاء عليه بعد الكشف عن حقيقته المخزية؟!
* * *