ذلك كله يؤكد تأكيداً قاطعاً على أنّ هذا الوعد الإلهي حتمي الوقوع وا نّ الله لن يخلف وعده.
ونرى أنّ هذا الوعد تحقق فعلا بكل جزئياته ، فقام ملك الروم «هرقل» بإلحاق الهزيمة تلو الهزيمة بمعسكر «خسرو برويز» في سنة ٦٢٦ م أي بعد ٩ سنوات تقريباً حيث كانت نتائج هذه الحروب لصالح الروميين إلى سنة ٦١٧ م وحققوا النصر الكامل والشامل ، وأصيب «خسروبرويز» بالفشل الذريع فأزاحه الايرانيون من على دسدّة الحكم وأجلسوا مكانه ابنه «شيرويه».
خلاصة الكلام : إنّ هزيمة الروميين وقعت في سنة ٦١٧ م الموافق للسنة السابعة للبعثة النبوية الشريفة ، واستعاد الروميون نصرهم من جديد في سنة ٦٢٦ م حينما ألحقوا الهزيمة «بالجيش الساساني» ، ووصلت هذه الهزيمة إلى أوجها في السنة القادمة أي (سنة ٦٢٧ م) ذلك أن هرقل زحف إلى «دستجرد» الواقعة على بعد عشرين فرسخا من «تيسفون» عاصمة ايران وموطن «خسرو برويز» ، واندحر «خسرو برويز» ولاذ بالفرار ، وعُزل على أثرها من مقام السلطة ممّا أدى ذلك إلى قتله ، ونجد أنّ الفاصلة بين هذين لم تتجاوز التسع سنوات ، وهو مطابق تماماً لمعنى «بضع سنين» ، لأنّ «البضع» في قاموس اللغة وعلى حد قول الراغب في المفردات : هو بمعنى حصة من العدد عشرة ، فكل مايقع بين الثلاثة والعشرة يقال له : بضع ، وقال البعض : إنّ البضع يطلق على العدد الذي يكون أكثر من خمسة وأقل من عشرة.
وجاء في معجم مقاييس اللغة أيضاً أنّ «البضع» هو العدد الذي يقع بين الثلاثة والعشرة. وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ هذه النبوءة أصبحت من الأمور المتعارفة والمسلَّمة لدى المسلمين حتى كان البعض منهم على استعداد لأنّ يراهن على هذه المسألة مع المشركين في مكة ، وتحقق هذا الرهان بالفعل ، وفي بداية الأمر وقع الرهان على خمس سنوات ، ولما لم يتغير من الأمر شيء جاءوا إلى النبي وأخبروه بحقيقة الأمر ، وما جرى عليهم مع المشركين ، فقال لهم : كان ينبغي عليكم أن تحاوروهم على أقل من عشر سنوات ،