الأكرم صلىاللهعليهوآله : إنّك «ابتر» ، وهذه السورة ناظرة إلى هؤلاء الأشخاص (١).
وعلى الرغم من أنّه قد ذكر افراداً متعددين ، إلّاأنّ المحتوى والمضمون واحد في جميعها ، وأنّ جميعهم كانوا يسمون النبي صلىاللهعليهوآله «بالأبتر» حقداً وعداوة ، وقد رد عليهم القرآن بأجمعهم ، لأنّ هذه الأقوال الستة لا تتنافى مع بعضها البعض ، فمن المحتمل أنّ هذا التعبير صدر من جميعهم ، والرد القرآني ناظر إليهم جميعاً.
وعلى أيّة حال فإنّ لفظة «الأبتر» في الأصل ، تعني قطع عضو من أعضاء جسم الحيوان ، ومن المتعارف أنّها تطلق على قطع الذنب ، ثم اطلقت بعد ذلك على الأشخاص المقطوعي النسل ، وكذلك على الذين ينقطع ذكرهم الحسن ، أو يمحى من الخواطر ، والخطبة «البتراء» أيضاً تقال للخطبة التي لا تبدأ باسم الله (أو أنّها لا تشتمل على ذكر الله).
وورد في المقاييس أيضاً أنّ «البتر» هو القطع ، و «السيف الباتر» هو السيف القاطع ، ويقال لمن لا عقب له : «ابتر». أمّا «الكوثر» فهي مأخوذة من مادة الكثرة (٢) ، وهي نفس هذا المعنى ، ولها هنا في هذا المقام معنى واسع وشامل ، وهو عبارة عن الخير الكثير والبركة الكثيرة ، واحد مصاديقها البارزة هم الأبناء الصالحون والسلالة الطيبة ، واجلى مصداق لذلك هي بنت نبيِّ الإسلام و «سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين» فاطمة الزهراء عليهاالسلام.
وذكر المفسرون احتمالات كثيرة لمعنى «الكوثر» بحيث نقل الفخر الرازي خمسة عشر قولاً ، ونقل صاحب تفسير روح المعاني عن بعض المفسرين ستة وعشرين قولاً ، وأشار إليه المرحوم العلّامة الطباطبائي في «الميزان» أيضاً ، ومن جملة التفاسير المشهورة له هو نفس «حوض الكوثر» المتعلق بالنبي الأكرم صلىاللهعليهوآله والذي يرتوي منه المؤمنون عند دخولهم إلى الجنّة (٣).
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ٣٢ ، ص ١٣٢.
(٢) يقول الآلوسي في تفسير روح المعاني ، ج ٣٠ ، ص ٢٤٥ : الكوثر صيغة مبالغة ، بمعنى الكثرة التي تجاوزت حداًمعيناً ، وفي لسان العرب ؛ الكوثر هو الكثير من كل شيء.
(٣) تفسير مجمع البيان ، ج ٣٠ ، ص ٥٤٩.